للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عموم رسالته]

الوجه الرابع: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم، عندما يكون هناك إنسان له قدرات معينة كأن يكون مدرساً متخصصاً في علوم التاريخ، ماذا يدرس؟ إنه سيدرس مادة التاريخ أليس كذلك؟ لكن لو قيل لك: إن مدرساً معيناً جعلوه يدرس في التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء ونحو ذلك ماذا ستقول عنه؟ ستقول عنه: إنه رجل عظيم؛ لأنه استطاع أن يفعل هذا كله أو استطاع أن يقوم بمهمات عديدة لا يقوم بها إلا أشخاص كثر.

إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا يقول الله في نبوته ورسالته: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ:٢٨]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] بعثه الله إلى الثقلين من الإنس والجن، كل البشر منذ بعثته وإلى قيام الساعة هم من أهل أمة الدعوة التي توجه إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي حديث جابر بن عبد الله المشهور قال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم) إلى آخر الحديث.

إذاً: لن تكون هذه المهمة الواسعة لكل الناس، ليس هو نبياً ولا رسولاً لقوم معينين، ولا لرقعة معينة، بل للعالمين.

إذاً: هذه عظمة تتناسب مع هذه المهمة الكبيرة التي لا تحدها الجغرافيا، ولا يقطعها الزمن، ولا تتعلق ببيئة ولا بلغة ولا بثقافة، بل رسالة شاملة عامة أنيطت بخير الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو لها أهل، ولعظمتها كان هو كذلك عظيماً كعظمة ما أسنده الله عز وجل إليه، وما كلفه به، وما ابتعثه لأجله في هذه البشرية.