الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى، نحمده سبحانه وتعالى حمد الشاكرين الذاكرين، ونسأله مسألة الضعفاء والمساكين، ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين.
أما بعد: أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وفي بداية هذه الكلمة القصيرة -التي أرجو ألا أطيل بها عليكم- أقدم الشكر لفضيلة الإمام جزاه الله خيراً على حسن ظنه، وعظيم إكرامه، ولمن سعى في هذا اللقاء ليجعل لنا به -إن شاء الله تعالى- عند الله أجراً.
هذه هي أيام الاختبارات التي تشغل كل الناس حتى من ليس عنده اختبار، ومن لم ينشغل بها شخصياً فإنه يضطر إلى أن يتعامل في أيام الاختبارات بتعاملات وبأوقات وبطريقة مختلفة عما تعود عليه، والله سبحانه وتعالى قال:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك:١ - ٢]، فالحياة كلها اختبار منذ أن يتنفس الإنسان أول نفس فيها، وحتى يلفظ آخر نفس كتب له في هذه الدنيا، فإذا كانت الحياة كلها اختباراً، فينبغي أن نعرف هذا الاختبار، وأن نعرف علاقته بهذه الاختبارات الدنيوية الكثيرة، ولكن أكثرها تكراراً وأهميةً عند الناس: اختبارات الطلاب والطالبات، حيث ينشغل بها الطلاب والطالبات، والآباء والأمهات، وتزدحم لأجلها الطرقات، وتتغير من أجلها العادات، فتختلف فيها كثير من الأحوال.
وحتى نستفيد -إن شاء الله تعالى في الوقت المتاح- نحب أن نجعل الحديث منصباً على نوعي الاختبارات في الدنيا والآخرة معاً، حتى نرى كيف اعتنى الناس وانشغلوا وفكروا وخططوا واجتهدوا في اختبارات الدنيا العارضة، وغفلوا وقصروا وتكاسلوا وانشغلوا عن الاختبار الأهم والأعظم، وهو اختبار الحياة الدنيا الذي سؤاله وجوابه عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.