[رد شبهة الزاعمين أن مكوث المرأة في البيت يؤثر على الجانب الاقتصادي]
وإذا مضينا حتى إلى الجانب الاقتصادي الذي يكثر الحديث فيه والجدل حوله ويقال: إن المرأة معطلة فنصف المجتمع مشلول، الاقتصاد يحتاج إلى تحريك، التنمية الاقتصادية في أمس الحاجة إلى المشاركة الكاملة للمرأة.
ونحن نقول: إن عمل المرأة مطلوب في المجالات التي يحتاج إليها، أو إذا هي احتاجت إليها بالضوابط الشرعية، ولكننا نقول قبل ذلك ومعه وبعده: ينبغي أن نوفر الأسباب الكاملة لأداء المهمة الأولى بأحسن صورة ممكنة.
ومرة أخرى نقول: إنه من تضليل الرأي العام، ومن خداع الناس أن نردد مثل هذه المقالات، وإذا خرجت المرأة للعمل فهل ذلك يعود بالضرورة على الأسرة أو على المجتمع بنفع اقتصادي كما يصور في ضخامته وفي عظمته؟! إن وراء ذلك خادمة يؤتى بها، وحاضنة أو مربية يؤتى بها، وحضانة أو مكان يدفع إليه بالأبناء لتعويض غياب المرأة، وكل ذلك إنفاق لم يكن له وجود بحضور المرأة في بيتها.
ثم انظر كذلك ما قد يضاف من السائق والخدمات الأخرى الملازمة والمصاحبة لذلك، فإن الأمة المنشغلة بالأعمال بذلك الرحابة الواسعة كثيراً ما يحتاج مع وجودها وانشغالها في عملها إلى شراء الأطعمة من الخارج، وأنتم اليوم ترون كم هي المطاعم منتشرة؟! وكم هي النيران في البيوت مطفئة؟! لأنه لا أحد عنده وقت ليقوم بهذه المهمة، ولأن المرأة إذا أدخل في ذهنها أنها أعلى وأسمى من أن تطبخ أو أن تؤدي دوراً تغذي فيه أبناءها أو ترعى زوجها؛ فإن وراء ذلك من الإنفاق الاقتصادي ما وراءه، بل قد أثبتت الدراسات الاقتصادية أن المرأة إذا عملت أنفقت على نفسها أكثر، فهي تحتاج إلى نوع من الملابس أكثر، وإلى نوع من الزينة أكثر، وتحتاج أيضاً من المتطلبات للعمل أكثر، وإلى مناسبات أخرى ترتبط بالعمل اجتماعياً أكثر، وهذا كله إنفاق، ويكون حينئذ الأثر الاقتصادي مربوطاً بالمصلحة المتعينة في الحاجة التي تحتاجها المرأة، أو فيما يكون في جملته حاجة المجتمع دون حاجة إلى مثل هذا التهويل والتعظيم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في إشارة مهمة إلى الدور الاقتصادي للمرأة في داخل منزلها:(خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد، وأرعاه على زوج في ذات يده)، إن المرأة المسلمة العاقلة هي مدبرة اقتصادية في منزلها تحسن الإنفاق، وتزيد التوفير، وتجعل نوعاً من الاقتصاد الذي يقي الأسرة أو يؤمنها أو يعينها في أوقات المحن.
ثم إن المرأة في بيتها عندما تستشعر ذلك الجهد الذي يبذله زوجها، والمال الذي يحصله، تعرف أنها معنية بمثل هذه السياسة الاقتصادية، أما إذا كانت لا تأخذ إلا المال وتصرفه، وتخرج وليس وراءها مسئولية إنفاق وتدبير، فإنها حينئذ لا تكون على ذلك النحو.