ما كان لأولئك من قوة إلا بسبب ضعفنا، (أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ) لا يعجزون الله وقدرته وقوته سبحانه وتعالى، وهو الذي أمره بين الكاف والنون، إذا قال للشيء: كن؛ فيكون.
ونحن نعلم كذلك أن هذه الوعود الربانية لا تتخلف أبداً، (وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) مهما جاءوا بقوى من هنا أو من هناك، وحلفاء من شرق أو غرب فلن يثبت ولن يقف شيء أمام قوة الله، ولا أمام قوة المؤمنين بوعد الله، مهما عظمت قوتهم، فثقوا بدين الله، واعلموا أن كل ما يواجهوننا به إنما يتحقق فينا أثره لما أخللنا به من منهج الله عز وجل، وتخلينا به من الاستمساك بدينه سبحانه وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال:٣٦] ما هي النتيجة؟ {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:٣٦] آيات قاطعة! كلمات بالحق ناطقة! ولكنها لا تضرنا إلا بأسبابنا، وبتخلينا عن نهج ربنا.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[المجادلة:٥]، والآيات تخبرنا بصيغة المضارع المتحقق الوقوع، قال ابن عطية في معنى الكبت والمكبوت: يكون حزيناً؛ لأنه يرى ما يكره ولا يقدر على رده.
سيأتيهم اليوم الذي يذوقون مثل ما يفعلون من هذه الجرائم، وهم لا يملكون دفعاً ولا نصراً بإذنه سبحانه وتعالى:{وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}[المجادلة:٥]، {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ}[المجادلة:٢٠] تلك هي الوعود الربانية، والتهديدات الإلهية.