وهناك أمر ثانٍ: وهو إحياء الأرض الموات، كان عمر يذكر الناس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:(من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، وهذا هو أمر التنمية، وهذا هو أمر الاستصناع والاستثمار، أن تبسط أيدي الناس في أرض الله عز وجل، وأن يعطوا منها، وأن يكلفوا بإعمارها، وأن يستخرجوا خيراتها، وأن يستثمروا ما فيها مما جعله الله من الأرزاق، فرأى عمر رضي الله عنه بعض الناس يأخذون هذه الأراضي ليستصلحوها وليحيوها، لكنهم يحتجزونها ويبقونها كما هي، فقال عمر رضي الله عنه:(إنه ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين)، ثلاث سنوات للإحياء والاستثمار، أما أن يجعلها تحت يده ليستكثر بها من الأراضي فلا.
وجاء رجل من أهل البصرة إلى عمر وقال: إن قبلنا أرضاً ليست من أرض الخراج، فلو رأيت أن تقطعنيها لتكون مرعىً لخيلي، فكتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنه:(إن كانت كما يقول -أي: هذه الأرض ليست من الخراج، وليس فيها مصلحة للأمة- فأقطعه إياها واجعلها له)، وهكذا كان عمر رضي الله عنه يجعل الناس يأخذون ويعملون ولا يبقى أحد عالة أو فقيراً.