للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تساؤلات لابد منها]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، فاتقوا الله في السر والعلن، واحرصوا على أداء الفرائض والسنن، واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وإن هذه المعاني التي ذكرتها رغم قلتها ووضوحها وبساطتها إلا أننا جميعاً لا نكاد نخلو من تقصير فيها، ولعلي أختم بهذه التساؤلات لأثيرها في كل ذهن، وأحييها في كل نفس، في الوعي والإدراك والفهم: هل تبيت وأنت تحمل هماً لأجل الإسلام والمسلمين؟! هل تستيقظ وفي فكرك أحوال الأمة وينشغل بالك بكيفية علاجها، أم أنك تمر بك الأيام والليالي وأنت تضرب في هذه الأرض، وتأكل من نعيم الله، وتملأ بطنك، وتنام ملء جفنيك وكأن أمر هذه الأمة لا يعنيك؟ إن كنت كذلك فما فقهت حقيقة ارتباطك، وما عرفت غاية وجودك حق المعرفة.

الأمر الثاني: سل نفسك: ماذا عملت؟ {وَقُلِ اعْمَلُوا} [التوبة:١٠٥]، هل عملت ما هو واجب عليك في حق نفسك؟ وهل قمت بدورك ورسالتك وواجبك تجاه أهلك وأسرتك؟ وهل لك دور وإسهام في الأعمال التي تعود على الأمة بالنفع؟ هل تشارك في هذا البرنامج أو ذاك؟ هل تسهم في تلك المهمة أو تلك؟ هل تعمل في تلك المؤسسة أو الأخرى؟ أم أنك إذا انتهيت من عملك وكسبك خلدت إلى راحتك، وشغلت نفسك ببعض من اللهو والعبث الذي لا يليق بمثلك؟ وأخيراً: هل تمد يدك إلى إخوانك؟ هل تغض الطرف عن الأخطاء؟ هل تتجاوز عن بعض الهفوات؟ هل تملأ قلبك بذلك الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم سبباً من أسباب دخول الجنة يوم قال: (يدخل عليكم رجل من أهل الجنة)، وكان سبب هذه البشارة أنه يبيت وليس في قلبه غل ولا غش ولا حسد لأحد من المسلمين؟ إننا جميعاً مقصرون! فلعلنا نستدرك ذلك، ونراجع أنفسنا، وتلك هي الانطلاقة الصحيحة؛ لأن الله جل وعلا يقول فيما بينه من سنته الماضية: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:١١]، نسألك اللهم أن تغير ما بأنفسنا إلى الخير والصلاح والهدى والتقى يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وأقل عثراتنا، وامح سيئاتنا، وضاعف حسناتنا، وارفع درجاتنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك التوفيق للصالحات، وأن تصرف عنا الشرور والسيئات، وأن تغفر اللهم لنا ما مضى وما هو آت، برحمتك يا رب الأرض والسماوات، اللهم إنا نسألك أن تملأ قلوبنا بحبك، وأن تنطق ألسنتنا بذكرك، وأن تستخدم جوارحنا في طاعتك، وأن تسخرنا في نصرة دينك، وأن تجعلنا ستاراً لقدرك في نصر الإسلام والمسلمين يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا، اللهم أحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، ورد كيدهم في نحرهم، واشغلهم بأنفسهم، وفرق كلمتهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم بقوتك وعزتك يا رب العالمين! اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين، والمعذبين والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء.

اللهم اصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.