للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دروس من جريمة الاغتيال]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، أما بعد: فأيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه.

وإن أمتنا الإسلامية أمة عظيمة، ولن ينقطع خيرها ولا أبطالها ولا رجالها، وقد أكدت الأحداث الماضية وتؤكد حادثة الشيخ هذا المعنى، وكلنا مدعوون إلى أن يكون لنا إسهام ودور، وأرجو ألا يسأل أحد سؤال التائه المتحير بعد كل هذه المعاني.

وأحب أن أشير إلى أن هذا الفعل يجلي كثيراً من المعاني والدروس، والمقام لا يتسع لها، لكنه يظهر بوضوح وجلاء ما يلي: أولاً: الخسة والدناءة والإجرام والإرهاب لشذاذ الأرض وأفاكيها من عصبة الإجرام من الصهاينة في أرض الإسراء.

ثانياً: التآمر والتأييد المطلق لهذا الكيان الصهيوني الباغي بدعمه مالياً، وإعطائه الأسلحة التي يفتك بها، ثم بالتستر والتأييد على جرائمه؛ حتى لا يكون هناك أدنى شك في مواقف أمريكا وما تقوله وما تزعمه لدى أي إنسان مسلم مؤمن عاقل رغم كل الحوادث التي سبقت، ورغم هذه الحادثة التي وقعت.

ثالثاً: ألا تعويل على ما يقال من الرأي العالمي، ومن الموقف الدولي، ومن الضغوط الدولية رباعية أو سداسية أو سباعية أو أهرامية، أو ثلاثية كما نسمع حتى مللنا السماع.

رابعاً: هناك وضوح في أن هذه المسيرة السلمية التي ما زال الحديث عنها رغم كل شيء يتكرر أنها محاولة لإحياء ميت قد نزعت روحه وفاضت إلى بارئها؛ فإن كان بالإمكان إحياء الميت فبالإمكان أن نصدق أن هذا الأمر حقيقي وواقع كما يقال ويروج له.

خامساً: فإن هذا ليس دليل قوة عند تلك الدولة الباغية، بل هو دليل ضعف وهلع وخوف وجزع من أثر أولئك القوم الذين تحركوا ونهضوا.

سادساً وأخيراً: الاعتزاز بالإيمان والالتزام بالإسلام هو الذي يعطي لصاحبه القيمة العظمى، والمكانة الكبرى، والقدر الكبير في الدنيا، والنجاة والفوز في الآخرة بإذن الله، وإلا فما قيمة رجل مشلول اليدين والرجلين، أعمى إحدى العينين، قعيد لا يتحرك، لكن الدنيا كلها حتى الدول العظمى تحدثت عنه سلباً أو إيجاباً، فرض نفسه ووجوده على العالم كله، أما في قلوب المسلمين والمؤمنين فكأنما فقدوا أعز من آبائهم وأبنائهم، وكأنما فقدوا أملاً عظيماً، لكنه على هذا النحو الذي أجراه الله عز وجل وقدره أصبح مساراً جديداً، ونوراً على الطريق، نسأل الله عز وجل أن يكون له أثره الميمون والمبارك، وهكذا ينبغي أن نكون جميعاً.

هلل الشعب وكبر قائلاً الله أكبر شرعة الحق لها نصر من الله مؤزر فلتعد أيام مجدي وليعد تالي المؤزر قد دنا فوج جهاد دربه صعب مغدر كرم الله شهيداً جاد بالروح وشمر لم يكن يخشى الأعادي لا ولا في الحرب أدبر فهو في جنات عدن وبنعم الله يفخر ينبغي لنا أن نعظم يقيننا بإيماننا وإسلامنا وشموخنا واستعلائنا بعزتنا الإيمانية والإسلامية، ولن ترهبنا القوى العظمى ولا الصغرى ولا التحالفات ولا التصنيفات الإرهابية التي توزع يميناً ويساراً؛ فإن كذبها وفضحها قد صار ظاهراً لكل ذي بصر وبصيرة.

نسأل الله عز وجل أن يخلف الأمة في شهيدها خيراً، وأن يجعل في شهادته نفعاً وأثراً، وأن يلحقنا به وبغيره من الصالحين والدعاة والمجاهدين كما يحب ربنا ويرضى، وأن يسلك بنا سبيل الصالحين، وأن يستخدمنا في نصرة الدين، وأن يكتبنا في ركب المجاهدين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم! نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يردنا إلى البر والتقوى، وأن يجعلنا من عباده الذين يحبهم ويرضى! نسأله سبحانه وتعالى أن يحسن خاتمتنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة! نسألك اللهم أن ترد كيد الأعداء في نحورهم، وأن تجعل كل جريمة عليهم شؤماً ولعنة وزلزلة وهزيمة نكراء بإذنك وعونك وقوتك ونصرك وتأييد يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك أن تدمر قوتهم، وأن تخالف كلمتهم، وأن تستأصل شأفتهم، وأن تجعل بأسهم بينهم، وأن ترد كيدهم في نحرهم! اللهم لا ترفع لهم راية، ولا تبلغهم غاية، واجعل كل ما يفعلونه من الجرائم وبالاً عليهم، واجعل دائرة السوء عليهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، واشف فيهم صدور قوم مؤمنين عاجلاً غير آجل يا رب العالمين! اللهم أقر قلوبنا ونفوسنا بنصر الإسلام والمسلمين في أرض فلسطين عاجلاً غير آجلٍ يا رب العالمين! اللهم اقذف الرعب في قلوب اليهود، واجعل الخوف في صفوفهم، اللهم فرقهم كل مفرق، وشتتهم كل مشتت يا رب العالمين! اللهم عليك بهم وبأعوانهم من الصليبيين المناصرين، اللهم عليك بهم أجمعين، اللهم إنا نسألك أن ترد كيدهم في نحرهم، وأن تؤيدنا وتعزنا بنصرك وقوتك وعزتك وتأييدك يا رب العالمين! اللهم اجعل في هذا الحدث خيراً، واجعل لنا فيه عبرة وأجراً، ونسألك اللهم يا أرحم الراحمين أن تعز وتنصر إخواننا في أرض فلسطين، وأن تثبتهم على الحق يا رب العالمين وفي كل مكان رفع فيه جهاد ومقاومة للعدوان يا رب العالمين! نسألك اللهم أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا! اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا يا رب العالمين، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين! عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا عن الصحابة الكرام، وأخص منهم بالذكر أصحاب القدر العلي والمقام الجلي: أبا بكر وعمر، وعثمان، وعلياً، وعلى سائر الصحابة والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].