الأمر الرابع: انشغال مثل هؤلاء الناس بعيوب غيرهم عن عيوبهم: وحسبك بهذا أثراً خطيراً؛ لأن كثيراً من أولئك قد تفرغ في وقته وفكره لتتبع أخطاء الناس وفضحهم بحجة أنه يظهر الحق، وهذا في غالب الأحوال ينسى نفسه، ويغض الطرف عن عيبه، ويقسو بذلك قلبه، وقد قال ابن رجب: فشتان بين من قصده النصيحة وبين من قصده الفضيحة، ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة.
أما صاحب العقل الصحيح والقلب الحي فإنه يدرك ويفرق بين ما هو نصيحة وبين هو فضيحة.
وعن الحسن البصري أنه قال: من سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها، وما تزال الفاحشة تفشو بين المؤمنين حتى تصل إلى الصالحين فهم خزانها.
أي: يمسكون عن نشرها وإشاعتها لئلا يسهل على الناس ذكر مثل هذه الأمور.
فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهل النصح والإخلاص، وأن يجعلنا ممن يجتنبون هذه المحاذير ويبتعدون عن هذه الآثار، ونسأله جل وعلا أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.