ثم انظر إلى وقائع هذا اليقين في النخبة والصفوة الذين رباهم عليه الصلاة والسلام في يوم الأحزاب يوم الشدة، وقد كررنا المثل؛ لأننا نمر بهذه الحالة، ولأننا نراهم يتداعون علينا، ولأن الجيوش والجنود تحيط من كل جانب، ولأن الأحزاب تتحزب وتتألب، ماذا قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا:{هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}[الأحزاب:٢٢] ويوم قال لهم القوم: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}[آل عمران:١٧٣] قال الله في وصفهم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران:١٧٣].
ولم يكن ذلك في عهد الأصحاب فحسب، بل تاريخنا ينطق بذلك وقد أسلفنا القول فيه، ألم يقل ابن تيمية في معركة (شقحب) عام (٧٠٢هـ) أي بعد سبعة قرون من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يبشر الناس ويثبتهم: إنكم لمنصورون والله إنكم لمنصورون! فيقولون: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً، جزماً لما يرى من اليقين، وما يظهر من الإيمان، وما يبدو من شمس الصلاح والاستقامة.
ننتبه إلى هذا، فإنه هو الذي يثبتنا بإذن الله عز وجل، إن هذا الإيمان واليقين يثبتنا ويعطينا عدة أمور مهمة أولها: الإدراك والوعي والفهم الذي ندرك به الحقائق، لئن كانت للباطل جولة بل وألف جولة فإن جولة الحق آخرها، وإنها جولة إلى قيام الساعة.