الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى: البعد عن الحرام، وأداء الأمانة، والتنزه عن كل ما فيه خيانتها وتضييعها.
وكنت قد طالعت قبل مجيء هذا الرجل بالأمس قراراً ونظاماً حول هذا الأمر أقر بعضه مجلس الشورى، ويدرس بعضه الآخر، وعزمت أن أجعله حديثاً في جمعتنا هذه، فجاءت قصة الرجل تدفعني إليه دفعاً، وتؤملني وتدخل في نفسي سروراً أنه ما زال فينا من يخاف الله، ويترك عرض الدنيا الملوث بالحرام ابتغاء مرضاة الله، ويريد ألا يدخل إلى جيبه وكسبه شيئاً من الحرام؛ لأنه إنما يأخذ في هذه الحالة ناراً، كما قال عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}[النساء:١٠]، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم:(كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به).
فرحت أن يكون فينا ومنا من يحيي معاني هذه الإيمانيات، ونحن بحاجة إلى ذلك، وما حديثنا هذا لكي نستمع إلى هذه الكلمات، ونظن أن المقصود بها من يتولون المناصب العليا أو الكبرى فحسب، بل الحقيقة أن كل فرد منا عنده ضروب من الأمانات قد يخونها ويضيعها، وعديد من المواقف التي لا يستحضر فيها عظمة الله ولا مراقبة الله جل وعلا.