في هذه الصورة المشرقة آمال عظيمة نراها في هذه الصحوة الإسلامية والأوبة الإيمانية التي جعلت الناس يقبلون على الخير، ويساهمون في بناء المساجد وإعمارها، ويبادرون إلى الإغاثة والإعانة، ويحيون مع المسلمين في كل مكان، ومع آلامهم وآمالهم تتجاوب أصداء صرخات الهند وصرخات البوسنة وصرخات فلسطين فإذا بها تملئ آذان المسلمين في كل مكان، وإذا بها تحيي قلوبهم، وتبين لهم حقيقة العداء في هذه المعركة التي تدور رحاها على المسلمين لا لشيء ولا لسبب ولا لجرم اقترفوه إلا لشيء واحد بينه الله عز وجل بقوله:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[البروج:٨] إلا لأنهم مسلمون موحدون؛ فإذا كنت مسلماً فسترى العذاب وسوف تواجه العجب العجاب، ولأنك مسلم ستموت غماً وهماً واضطهاداً واضطراباً، وستسأل كل أهل الأرض عدلاً وتنتظر الجواب ولا جواب! يسوءك أن ترى الطاغوت يعلو ويحني المسلمون له الرقابا لأنك مسلم ستزور سجناً وتنهبك السياط به نهابا إذا قرعت يمناك باباً سمعت الفحش يسرع والسبابا وسوف تعض من ألم بناناً وسوف تشف من جوع ترابا فإما أن تكون كما أرادوا وإما أن ينزلوا بك العقابا إنها قضية واضحة؛ قضية الحرب على الهوية الإسلامية؛ فإنه يشرق الأمل عندما تتحقق هذه الهوية في القلوب، وينطلق بها الصغار قبل الكبار في مواطن وبلاد الإسلام شرقها وغربها، فالطفل أوقد جمرها في أرض فلسطين، كما قال الشاعر: الطفل أوقد جمرها يا معشر والنسوة انطلقت أسوداً تزأر قد أقسم الشعب اليمين مجاهداً الله فوق الظالمين وأكبر كل المساجد والمآذن أقسمت حتى الحجارة رددت والمنبر قسماً ونور الحق في جبهاتنا قسماً لباكية تأن وتزأر قسماً لنار الثأر في أحشائنا ولكل طفل في الظلام يهجر قسماً لأرض قد سرى لها أحمد قسماً لقدس يستغيث ويجأر والميت المذبوح يسلخ جلده والعين تفقأ والعظام تكسر والشيخ يُسحب في الشوارع باكياً ودم العذارى صارخاً يتفجر لأحطم الكف التي عاثوا بها وأزلزل القدم التي تتبختر فالشعب يا شامير مرٌّ لحمه والشعب يا رابين حقداً يقطر هات الهراوي والبنادق واضربوا رأسي وصدري والسواعد كسروا والله لو سملوا العيون بخنجر والله لو هدموا البيوت وأنذروا بعيون طفلي سوف أبصر موطني وبكف شبل سوف ينبت خنجر هيهات أن ننسى فلسطين التي باتت تعشعش في القلوب وتحضر يا أمتي هذي فلسطين التي جرحت وراحت في الدجى تعصر لا تتركوها للدخيل فإنها تستصرخ الثوار أن يتحرروا إنها الآمال التي ينبغي أن نتفاعل معها، وأن نتأثر بها، وأن نؤدي دورنا فيها؛ فإن الآلام وحدها لا ينبغي أن توقفنا، ولا أن تقف عثرة في طريقنا، وإن الآمال وحدها ينبغي ألا تكون أحلاماً وأوهاماً، بل ينبغي لهذه الآلام ولتلك الآمال أن تعقبها الأعمال، فإنه لا يكفي الأمل ولا يغني الألم، بل لابد من العمل؛ فالله نسأل أن يوفقنا لنصرة دينه، وأن يحققنا باتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.