الحمد لله منه المبتدى وإليه المنتهى، وهو في كل خير يرتجى، ومن كل شر وضر إليه الملتجأ، نحمده سبحانه وتعالى، هو المحمود على كل حال وفي كل آن، لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شيء بعد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، بعثه الله إلى الناس أجمعين، وأرسله رحمة للعالمين، وهدى به من الضلالة، وبصر به من الغواية، وكثرنا به من بعد قلة، وأعزنا به من بعد ذلة، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، ما من خير إلا وأرشدنا إليه، وكان أسبقنا إليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، وكان أبعدنا عنه، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! (خطوات عملية في أوقات المحن) ذلك ما يسأل عنه الناس، ويريدون معرفته، ويعزمون على الأخذ به، وهو موضوع حديثنا اليوم؛ لأننا في هذا المقام ينبغي أن نذكر أنفسنا ونذكر إخواننا بأن مقام الخطبة مقام عظيم، لابد فيه من أن تتوفر كثير من الصفات، ولكننا نشير إلى أهمها.
أولاً: المقصد الأعظم؛ فإن هذا المنبر ليس لمناظرة سياسية، ولا لمظاهرة إعلامية، إنما هدفه الأعظم ومقصده الأكبر: الإخلاص لله عز وجل، وابتغاء رضوانه وإن سخط الناس، وقصد وجهه سبحانه وتعالى دون الالتفات إلى الناس.
وثانياً: الهدي الأقوم، والاقتداء بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، كيف كان في خطابته وفي تأثيره وفي وضوحه وفي صراحته، وكيف كان في علاجه لأمراض الأمة، وتناول شئونها العامة والخاصة، وكيف كان ذلك دائماً ناشئاً عنده صلى الله عليه وسلم من معايشته لأصحابه وأمته، ومن معرفته العظيمة الواضحة الجلية لحاجتها.
أما والناس يريدون -كما يقولون- كذا وكذا، فليس هذا مثل وسائل الإعلام يقدم ما يطلبه الجمهور، فنسأل الله عز وجل أن يجعل لهذه المنابر إخلاصاً لله كاملاً، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم تامة، وحكمة فيها بالغة.