الحمد لله لا إله غيره، ولا رب سواه، لا يضل من استهداه، ولا يخيب من رجاه، ولا يحرم من دعاه، له الحمد كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى؛ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، هو جل وعلا المحمود على كل حال وفي كل آن، وهو أهل الحمد والثناء؛ فله الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شيء بعد.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، المرسل إلى الناس كافة أجمعين، خاتم النبيين والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد صادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته، ونسأل الله جل وعلا كما جمعنا في هذا البيت من بيوته على غير مصالح تجمعنا، ولا أرحام تقربنا؛ أن يجمعنا في مستقر رحمته ودار كرامته، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، إخواناً على سرر متقابلين، ونسأله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا بالإسلام، وأن ينور قلوبنا بالإيمان، وأن يهدي بصائرنا بالقرآن، وأن يرد عنا وعن المسلمين كيد الكائدين، وأن يدفع عنا شرور المعتدين، وأن يسلم ديار المسلمين، ويحقن دماءهم، ويحفظ أعراضهم وأموالهم، إنه جل وعلا ولي ذلك والقادر عليه.
يتجدد بهذا درس متقطع رقمه: السابع والسبعون بعد المائة، وعنوانه:(الإيمان والأمان ومواجهة العدوان).
إننا ونحن نعيش هذه الظروف العصيبة، والتكالب الرهيب، والعدوان الظالم، نحتاج إلى مثل هذه الوقفات، والحق أن الخواطر كثيرة، والمشاعر متداخلة، والواجبات والتنبيه والتوجيه حاجتنا إليه ماسة ومتشعبة، وحسبنا -بمشيئة الله تعالى- أن نذكر هنا ما عسى أن يكون الأهم، وما سأذكره إنما أذكر خلاصته وأسسه معرضاً عن كثير من التفاصيل والتشعبات التي يستحق معها كل قسم من أقسام حديثنا وموضوعنا أن يفرد في محاضرة خاصة به، ولعلي أشير الإشارات التي ألخص بها مقصود حديثنا بعون الله.
سنبدأ بوقفة مع حقيقة الإيمان، ثم نعرج على أثر الإيمان في الأمن والأمان، وننتهي ونخلص إلى أثر الإيمان والأمان في مواجهة العدوان.