الجانب الآخر: جانب التعليم، وما أدارك ما التعليم! كل طفل وطفلة، كل فتى وفتاة يمر عبر هذه القنوات ويدرج في تلك المناهج السنوات والسنوات، فبأي شيء يخرج لدينه ولإسلامه، ولمعرفة فرائض الله وشرائعه، ولمعرفة سنن النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله؟! كم هي الحصة الوافرة في ذلك ونحن نتحدث على مستوى عام للبلاد العربية الإسلامية في جملتها، ونحن نعرف كثيراً من أحوالها.
إن بلاداً عربية وإسلامية كانت ولا زالت تفاخر بأنها أنجح من طبق سياسة تجفيف المنابع، وذلك في وأد الآيات، وتقليص الأحاديث، ومنع المعاني الإيمانية، والدراسات الإسلامية، وأكثر الدول إلا ما رحم الله تجمع مناهج الدين كلها في مقرر واحد، يكاد من هزاله ألا يرى بين كتب كثيرة ضخمة تعلم اللغات الأجنبية، والعلوم التقنية الأخرى، بل تعلم من الحضارات والثقافات الكفريه والجاهلية ما هو جدير بأن يكون بديلاً عنه حقيقة التاريخ الإسلامي في تلك البلاد، حتى إنه من المعلوم أن بلداً عربياً مسلماً كبيراً اختزل منهج التاريخ فيه في المراحل المتقدمة إلى الثانوية، حتى كان نصيب تاريخ عمر بن الخطاب وفترة خلافته وفتوحاته وإنجازاته لا يتجاوز نصف صفحة، وأما سيرة عثمان وخلافته فكانت بالعد والحصر سبعة أسطر لا غير.
وإذا مضينا نجد كثيراً من الأمور الأخرى، كالتشويه والتبديل والتحريف لمفاهيم الإسلام واجتزائها، بل وتحريف وتغيير وتبديل الأحكام الشرعية، بل وأحياناً عرضها في صورة الانتقاص والازدراء.
ثم هناك جزئية واضحة: إنه مجرد تعليم لوضوء وصلاة لا يذكر فيه كثير من جوانب الحياة الأخرى التي يتناولها الإسلام في شموليته العظيمة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣]، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:٣٨]، وكما روى أبو هريرة: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة)، هذه الشمولية لا يكاد يكون لها أثر في كثير من مناهج البلاد العربية والإسلامية، وحينئذ يمكن أن نرى كيف تكون النتائج.