[حاجة النفس البشرية إلى التزكية مهما كان حظها من الطاعات]
معرفة أهمية التزكية أصالة منهج في سياسة النفس، ووضوح رؤية في معرفة طبيعة هذه النفس، وطبيعة هذا الدين، فإن الله سبحانه وتعالى يقول:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:٦٩] فالأمر كما قال حذيفة رضي الله عنه: (أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ورب مصل لا خير فيه، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعاً).
إذاً: ليست التزكية مفقودة -أو ناقصة- عند العصاة فحسب، بل هي ناقصة أو مفقودة عند كثير من الطائعين؛ لذا وجب التذكير بها لهم، وهم فيها قدوة، فإذا فُقدت التزكية من أهل الخير والصلاح والطاعة، فماذا في بقية الناس من المتلبسين بالبدع أو المنغمسين في الشهوات والمعاصي؟ فهي -لاشك- أكثر بُعداً ومجانبة لحصولها في أنفسهم؛ لذلك نوجه الحديث لنا نحن الذين نظن بأنفسنا خيراً؛ لأننا أحوج ما نكون إلى هذا الأمر، ولأن فقده فينا خسارة عظمى لنا، وللناس أيضاً ممن هم أبعد منا عن الخير، أو أقصر همة في الاستباق إليه.