روى ابن عباس رضي الله عنه حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما قال:(من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة الجاهلية) ذلكم ما وجه به النبي صلى الله عليه وسلم مطابقاً للقرآن: (الصبر)، وليس الصبر قعوداً ولا عجزاً، بل الصبر ضبط لئلا يترك الحبل على غاربه، ولئلا تنطلق الحماسة تدمر وتفجر وتفسد وتهلك الحرث والنسل، فلا يعود انضباطاً ولا أمناً ولا أماناً، ولا يعود قدرة على الإصلاح والتغيير.
واستمعوا إلى حديث مسلم أيضاً في مسألة سألها الصحابي الجليل مسلم بن يزيد الجعفي رضي الله عنه، قال:(يا نبي الله! أرأيت إن كانت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا، فما تأمرني؟ فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم)، وأحسب أن هذا السؤال يكرره كثير من الناس وهم في قمة انفعالهم، وشدة حماستهم، فأعاد
السؤال
( يا نبي الله! أرأيت إن كانت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا، فما تأمرني يا رسول الله؟ فأعرض عنه، فأعاد عليه الثالثة قال: ما تأمرني يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا، فإن عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) أي: ستسألون وحدكم، ستسألون عن واجباتكم، عن فرائضكم، (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فإذا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
تلكم ومضة من ومضات القرآن والسنة، كيف نواجه هذه الأزمات؟ استعانة بالله، وصبراً على ما قدر الله، وتحققاً بالتقوى، وانتظاراً لوعد الله، فإن الأمر كله لله.
نسأل الله عز وجل أن يحسن أحوال أمتنا، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يرجع بنا إلى سبيل الحق والهدى والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.