أختم ببعض الحقائق الإيمانية التي لابد من استحضارها في ضوء هذه الصورة، التي فيها نوع من السواد أو الشدة والظلمة.
النقطة الأولى: لابد من وضوح الحقائق الإيمانية القرآنية، كما في قوله سبحانه وتعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى}[البقرة:١٢٠]، وكما في قوله سبحانه وتعالى:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة:٨٢]، وكما قال الله سبحانه وتعالى في شأن الكفار جميعاً:{لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً}[التوبة:١٠].
النقطة الثانية من الحقائق الإيمانية: ضرورة تكريس حقيقة الولاء والبراء في ضوء قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة:٥١].
النقطة الثالثة: أن هذه الظروف والأحوال والأوضاع والظلم والموازين المختلة تدفع المسلمين إلى معرفة الحقيقة المهمة، وهي أنه لا قيمة لهم مالم تكن لهم وحدة ومالم يكن لهم نصرة فيما بينهم، وهذا يدفع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية ونصرة المسلمين لإخوانهم في كل مكان بشتى الوسائل والسبل، سواءً كانت النصرة المعنوية أو الإعلامية أو بالمال أو بالنفس أو بكل صورة من الصور؛ لأنه ينبغي أن يعلم أنه لن ينصرهم بعد الله سبحانه وتعالى أحد إلا إخوانهم المسلمون المؤمنون: كل الشعوب لها سيف تصول به عند الملمات لما يعصف الغضب كل الشعوب لها وزن وقافية لها شراع لها سمت لها أرب ونحن مثل هشيم ضل وجهته فحيثما قلبته الريح ينقلب هذا الوضع الذي يمر بالمسلمين الآن حينما يرون الهجمة الشرسة، حينما يرون العداء للإسلام فيه فوائد منها: أنه يتولد في النفوس شعور بضرورة الالتزام بالإسلام، والتوحد على هذا الإسلام، والتقوي بالوحدة الإسلامية في مواجهة هذا العداء المتكالب.
النقطة الرابعة: معرفة أن القوة اللازمة في هذا الصراع هي قوة الإيمان والعقيدة؛ لأن الآخرين إنما ينطلقون من منطلقات عقائدية، وينبغي أن نلغي فكرة أن الصراعات مبنية فقط على مجرد اختلافات أو مجرد نزاعات أو عرقيات، أكثر هذه النزاعات منبثق من الناحية العقائدية ثم المصالح الذاتية.
النقطة الأخيرة: هذه الأمور تدفع المسلمين إلى ضرورة تكريس العمل على الالتزام بالإسلام والدعوة إليه وإحياء مفاهيمه وربط الناس به، وأن تكون الجولة القادمة بإذن الله سبحانه وتعالى هي جولة انتصار الإسلام والمسلمين بفضل تمسكهم بدينهم.
المسلمون ما هزموا إلا بتخليهم عن الدين، ولن ينصروا إلا بتمسكهم بهذا الدين.
وأخيراً أقول: إن بشائر النصر رغم سواد هذه الصورة كبيرة وكثيرة جداً إن شاء الله تعالى، سواءً ما تحقق في أفغانستان، ونرجو أن يتمه الله سبحانه وتعالى بفضله، وسواءً الأخبار الجديدة في طاجيكستان التي رفعت لواء الإسلام وبدأت تمارس هذا التطبيق بالقوة بعيداً عن القرارات، وأيضاً بظهور الحركات الجهادية الإسلامية التي ينبغي أن تدعم وتقوى؛ لأنها هي الأسلوب الأمثل في إقرار الواقع، بدلاً من المداولات والقرارات التي رأينا صورتها كما تجسدت وهي صورة هزيلة لا أثر لها في الواقع، وينبغي أن يكون لسان الحال كما قال القائل حينما استفرغ جهده وصبره، وعلم الناس كلهم اليوم خاصة في بعض قضايا المسلمين، مثل: قضية فلسطين أنه لا أمل يرجى من الأقوال والمداولات والمؤتمرات؛ لأنها مرت بها ليس سنوات ولا عشر سنوات بل عشرات السنين ويرى أنه ستستمر هذه السنوات باستمرار هذه الممارسات، ولذلك قال القائل: غص المفاوض صوته فتكلم بلسان نار يا كتائب! أو دم لم يفهم المحتل من خطبائنا فلتفهموا المحتل ما لم يفهم ما أيد الحق المضاع كمنطق تدلي به شفة السلاح الأبكم تتحرر الأوطان بالدم وحده إن الخطابة رأس مال المعدم قد دق ناقوس الجهاد فأنصت ودعا الحمى أبطاله فتقدم من قال إني أعزل وبكفه حجر فليس إلى الكنانة ينتمي هكذا هذه الحركات الجهادية في أريتريا وفي الفلبين وفي غيرها، هي أيضاً نوع أمل جديد لهذا الإسلام ولهذه الأمة المسلمة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتمه وأن يكمله، وأن الله سبحانه وتعالى يفرج الهم والكربة عن إخواننا المسلمين، وأن يجعل العاقبة للمتقين والدائرة على الكافرين والمجرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.