مشروع رحلة عبر آلة الزمن: وهذا يمر كثيراً فيما يقدمونه من الأفلام أو التمثيليات وأن هناك من دخل في آلة الزمن ورجع إلى ما قبل مائة سنة من زمانه، وكيف يصبح غريباً في الزمان الآخر، وينسجون لك قصة تكون غريبة ومثيرة ومشوقة، نحن نريد أن ندخل في مثل هذه الآلة، وننتقل فعلاً إلى زمن آخر، كيف نصنع ذلك؟! من خلال محطات تاريخية، فلننتقل إلى المحطات التاريخية الرمضانية، اجعل يوماً لغزوة بدر، إن كان عندك صالة في المنزل أو غرفة اجعلها لغزوة بدر، كيف ستجعلها لغزوة بدر؟! اعمد إلى خريطة موجودة في كتاب من كتب السيرة فيها غزوة بدر، كبر هذه الخريطة واجعلها في هذه الحجرة، احضر كتاباً خاصاً بغزوة بدر، أخرج منه قائمة واطبع فيها أسماء الشهداء الذين استشهدوا في غزوة بدر، هذه الغرفة في يوم من الأيام في رمضان تدخل فيها أنت والأسرة أو أنت وزملاء العمل وتقول: نحن الآن في منطقة بدر، على بعد خمسين ومائة كيلو من المدينة المنورة، ونحن الآن في اليوم السابع عشر من شهر رمضان، ونحن الآن في العام الثاني من الهجرة، وتذكر كل ما يتعلق بهذه الغزوة من الأحداث، ويكون نقاش وحوار، ونرجع إلى التاريخ ونعيش داخله تماماً.
وخذ بعد ذلك فتح مكة في اليوم الثامن من شهر رمضان، ومعركة عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان، ووفاة خالد بن الوليد في الثامن عشر من رمضان، ومعركة الزلاقة وغيرها من المشاهد الكثيرة، اختر بعضاً منها، واجعل في بيتك ركناً تاريخياً في كل أسبوع، كلف الأبناء كل أسبوع أن يعدوا الموقع والغرفة لشيء آخر، أرى البعض من إخواننا يبتسمون، ولعلهم يقولون: هذه فيها غرابة، أقول: إن الغرابة والتجديد هما اللذان سيجعلان نوعاً من النشاط والتحفيز، وثق أن أثر هذا في الأسرة -على وجه الخصوص الأبناء والزوجة وكذا الأقارب والزوار- كبير جداً.
وأذكر لكم تجربة عملناها منذ سنوات عدة: أخذت مطبوعة -وقد وزعناها هنا في المسجد العام الماضي والذي قبله- عن خريطة فلسطين بين التآكل والتوسع الصهيوني، وهي تبين لنا فلسطين كيف كانت قبل عام (١٩٤٨م) وكيف نقصت بعد عام (١٩٤٨م)، ثم نقصت بعد عام (١٩٦٧م) ثم نقصت ثم نقصت عبر الأعوام، والخريطة تمتد لتتسع مساحة اليهود الغاصبين وتغمر ديار المسلمين، هذه الخريطة منذ ذلك الوقت أراها كل يوم أكثر من مرة، وأراها في كل بداية يوم وفي كل نهاية يوم، لو أنك فعلت ذلك لعشت التاريخ بمراحله المختلفة.
أبناؤنا الآن لا يعرفون عام (١٩٤٨م) ولا عام (١٩٦٧م)، لا يعرفون التاريخ ولا الحدث، ولا يعرفون الأسماء والمصطلحات، لا نسأل عن التاريخ البعيد، بل التاريخ القريب، من يعرف من الأبناء -الذين هم الآن في سن العشرين- عن حرب رمضان وليس عن حرب أكتوبر كما يقولون؟ ماذا يعرفون عن التغير الذي كان أثره بعض جولات الانتصار الأولى؟! ماذا نعرف عن هذا التاريخ؟! كم هو جدير بنا أن نصوره وأن نرسمه وأن نعيش فيه، وأن ندخل أبناءنا إليه، وأن نعرفهم به؛ لأنها قضية مهمة لا بد من العناية بها والحديث عنها بشكل مباشر.