[استعدادات ووصايا قبل الحج]
لابد للحاج قبل أن يشرع في حجه من الاستعداد والتهيئة، وهذه أمور ومسائل مهمة في الاستعداد قبل الحج.
أولاً: النفقة الطيبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)، وقد ورد في بعض الآثار: أن النفقة المحرمة في الحج يكون عليه بها وزر، وكلنا يعلم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن: (ثم ذكر الرجل يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب! يا رب! وملبسه حرام، ومطعمه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب له)، فلابد أن يتحرى الحاج لنفقة حجه المال الطيب الحلال الذي ليس فيه كسب حرام ولا مشتبه به.
ثانياً: الوصية العامة: أن يوصي أهله ومن وراءه بتقوى الله عز وجل، وتوحيده، وعبادته، وأن يوصيهم بما يحتاج إليه من الوصية، كأن يذكر لهم ديونه أو الحقوق التي عليه، أو أن يذكر لهم ما له عند الآخرين، أو ما يريد أن يوصي به؛ إذ أنه يسافر وقد يكتب له الله عودة وقد يتوفاه الله، والوصية أمر مشروع مسنون ثابت ينبغي للمسلم أن يحرص عليه في كل وقت وآن.
ثالثاً: التوبة الخالصة: فإن الحاج مقدم على فريضة أعظم، وأجرها تكفير الذنوب والخطايا، ورجوعه كيوم ولدته أمه، والمقبل على إنسان من الناس ليكون ضيفه لا شك أنه يختار أحسن الثياب ويتجمل بها، ويختار أفضل أنواع العطور ويتطيب بها؛ حتى يكون إقباله على من يضيفه إقبالاً حسناً، والمقبل على الله في هذه الفريضة ينبغي أن يكون قد أعلن توبته، ورد المظالم والحقوق، وطلب السماح ممن أخطأ في حقهم؛ حتى يكون متعرضاً لرحمة الله تعرضاً مناسباً وملائماً لقدومه على ربه في بيته وفي حرمه لأداء فرضه وحج بيته.
رابعاًً: الصحبة الصالحة: فإن هذه الفريضة طاعة من الطاعات، وأهل الخير يذكرونك إذا نسيت، ويعينونك إذا ذكرت، ويعلمونك إذا جهلت، فتنتفع بهم، ولا يكون حالك كحال من يكون صحبته غير صالحة، فما يزالون في لغو ولهو وقول باطل، وربما جهل تؤدى به الفريضة على غير وجهها، فلا تكون كاملة فيذهب الجهد والعناء والتعب بلا فائدة.
خامساً: العفة عن المحرمات: قبل الحج، وفي أثنائه، وأثناء المسير إليه، فلا يترخص في شيء من المحرمات مطلقاً.
سادساً: الإخلاص لله: وهذه مسألة مهمة: فإن بعض إخواننا القادمين من بلاد إسلامية كثيرة في أحوال بلادهم بعض العادات التي قد تشوش على الإخلاص، فإذا خرجوا، خرجوا مودعين لهم في زهو واحتفاء واحتفال كبير، وإذا رجعوا غيروا ألوان بيوتهم، أو ضربوا عليها بعض الطلاء الأبيض، أو كتبوا لوحات أو نحو ذلك مما يعلم بما كانوا فيه من عبادة، وهذا قد يجعل الإنسان حريصاً على أن يلقب بالحاج، أو أن يلقب بكذا؛ فينقص ذلك من أجره، أو يشوش على نيته ويخلط فيها، فينبغي أن نترك ما هو معتاد مما ليس فيه شيء مشروع، وليس فيه مصلحة، ولا بأس أن يفرح الإنسان إذا رجع من الحج، ويدعو قرابته إلى وليمة؛ إذ ليس في هذا حرمة، ولكن لا يكون على سبيل المفاخرة والمباهاة التي قد تنقص من أجره.
نسأل الله عز وجل السلامة.
سابعاً: العلم بالأحكام الفقهية الخاصة بهذه الفريضة؛ فبعض الناس يذهب إلى الحج، وفي أثناء أدائه يقول: فعلت كذا وكذا.
هل هذا صحيح أو لا؟ بعد أن قطعت المسافات الطوال، وأنفقت الأموال تأتي لتسأل بعد أن أخطأت وربما قد فسد حجك، لابد أن تتعلم أحكام أمر تحتاج إليه، عند الحج تتعلم الحج، إذا وجبت عليك الزكاة تعلمت أحكام الزكاة، وإذا أردت أن تقوم بعمل تجاري تعلمت أحكامه.
وهكذا.
أيضاً: البر والإحسان مهم، وهو من الأمور الطيبة، سواء قبل الحج أو في أثنائه، فالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل أن ييسر له الحج، ويتقبله منه، ويعينه، فإن الإنسان بدون عون من الله عز وجل لا تقضى له أموره ولا حوائجه.
ثامناً: العزم على الاتباع والاقتداء برسول الهدى صلى الله عليه وسلم الذي قال: (خذوا عني مناسككم).