وأما الخطوات العملية في نهضة الأمة فكثيرة؛ ولكنني أوجز المهم منها في هذه القواعد التي أحسب أننا نحتاج إلى مزيد من الحديث عنها.
أولاً: كثرة الطاعات.
ونحن نعرف أن الخير إنما يستجلب من الله بالتقرب إليه، وأن من أراد رحمته تعرض لها بطاعته، وأن من أراد مغفرته سعى إليها بمناجاته، وأنه لا يمكن أن ننال رحمة الله ولا نصره ولا عزه ما لم ننصر الله جل وعلا، ما لم نقبل عليه، ما لم نحسن صلتنا به، ما لم نعلق حبالنا به، ما لم نجعل توكلنا عليه، ما لم نفض بحوائجنا وذلنا وتضرعنا بين يديه؛ ما لم يكن أمرنا كذلك فستظل قلوبنا مشرقة ومغربة، وستظل آمالنا مخيبة ومضيعة، مرة نعلقها بمجرمين يتحدثون بألسنتنا، وفسقة يتصدرون في ديارنا، ومرة نعلقها بأعدائنا من اليهود أو النصارى، ومرة قد نظن أن في أنفسنا قوة، وأن بين أيدينا أسباباً تغنينا عن صلة الله عز وجل، فحينئذ نؤتى كما أتينا هنا وهناك، ليست بغداد ولا أفغانستان، وليس ما قبلها وما بعدها، وإنما هو هذا الأمر الذي ينبغي أن نحرص عليه.
وأقولها في البدهيات وفي الأصول والأساسيات؛ لأنها التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم؛ لا يقل أحد: إن هذا أمر نعرفه؛ فإن تقصيرنا فيه ظاهر، وأقولها من بدايتها ومن أولها، ومن ألفها وبائها حتى ننتهي إلى يائها: حافظ على أداء الفرائض من الصلوات، قال تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة:٢٣٨]، هذه العبادة والشعيرة والركن والفريضة، هي صلة العبد بربه كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم في صحيحه من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:(ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله).