لا شك أن من أحب إنساناً أكثر من ذكر محاسنه، فتجد بعض الناس إذا أحب إنساناً لا يجلس مجلساً إلا ويقول: انظروا ماذا فعل فلان، فلان قال كذا وكذا، فلان جزاه الله خيراً، فلان لا يمكن أن نقدر قدره.
ونحن ينبغي أن نطيب ونعطر مجالسنا في كل وقت وحين بذكر مآثر النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وأحواله وشمائله، وهذا الذكر هو الذي يهيج هذه المحبة ويبعثها، وكثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تحرك هذا المعنى، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦] وفي ذلك امتثال لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا سمعتم المؤذن فقولواً مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً).
وحديث أبي بن كعب رضي الله عنه شهيد، قلت:(يا رسول الله! إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت.
قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير قلت: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خي.
، قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت؟ وإن زدت فهو خير.
قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه وصححه، والحاكم في مستدركه، ووافقه الذهبي.
قال الشراح: كان أبي له ورد من الدعاء دائماً، فكان يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن آداب الدعاء أن يقدم بين يديه الحمد والثناء على الله والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: كم أجعل لك من ذلك؟ قال: زد حتى لو كان الدعاء كله الحمد والثناء والصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنه وإن قل الدعاء يكون فيه ما وعد النبي به صلى الله عليه وسلم (إذاً تكفى همك ويغفر ذنبك).