للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسائل المعينة على زيادة الإيمان]

السؤال

ما هي الوسائل المعينة على زيادة الإيمان وارتقاء الروح؟

الجواب

أحب -أيها الإخوة- أن نكون صرحاء مع أنفسنا، ولذلك أسأل سؤالاً أوجهه إلى نفسي وإليكم: هل نحن نجهل الوسائل التي تزيد الإيمان أم أننا لا نعمل بها؟ في تصوري أن الجواب يتعلق بالشق الثاني لا بالشق الأول، أيجهل أحدنا أن من أسباب زيادة الإيمان الإكثار من الطاعات والنوافل والصلوات في جوف الليل؟ أيجهل أحدنا أن من وسائل زيادة الإيمان دوام الاستغفار وكثرة الأذكار وتلاوة القرآن، وترطيب اللسان بذكر الله عز وجل؟ أيجهل أحدنا أن من زيادة الإيمان دوام الدعاء والتذلل لله سبحانه وتعالى؟! أيجهل أحدنا أن من وسائل زيادة الإيمان تذكر الآخرة واستحضار الموت واستعظام الوقوف بين يدي الله عز وجل؟ أيجهل أحدنا أن من أسباب تقوية الإيمان زيارة المقابر وتذكر الآخرة؟ أيجهل أحدنا أن المواعظ التي تذكر بالآخرة والآيات التي تذكر بها هي مما يزيد الإيمان؟ أيجهل أحدنا أن الإنفاق وأن الجهاد من زيادة الإيمان وأسباب زيادته؟ أيجهل أحدنا أن من أسباب ضعف الإيمان غفلتنا عن هذه المعاني وارتكابنا للمعاصي؟ أقول: إن أكثرنا إن لم يكن كلنا لا يجهل شيئاً من ذلك، نحن لا نفتقر إلى العلم، بل نفتقر أكثر ما نفتقر إلى العمل، وليس إلى العمل فقط، وإنما إلى استمرار العمل، وليس استمرار العمل فقط، وإنما إلى حقيقة كمال وتأثير العمل، نحن نصلي وقلوب أكثرنا إلا من رحم الله غافلة لاهية، نحن ندعو وأبصارنا تطوف هنا وهناك، وعقولنا تمضي في أودية الدنيا ومشكلاتها ومشاغلها، نحن نقرأ القرآن لكن التدبر قليل لكن التأمل نادر لكن التأثر محدود.

فإذاً: ينبغي أيها الإخوة! أن يواجه كل منا نفسه: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:١٤]، وانظر أخي إلى مواطن تعلم من نفسك فيها تأثراً إيمانياً، وصفاء روحانياً، فانظر إليها أين تكون، والزمها حتى لا تفوتك، ألست في بعض الأحوال تسمع من يذكرك بالآخرة ويشتد عليك ويذكر الآيات فتتأثر ويلين قلبك، وتدمع عينك؟ إذاً: فقد عرفت فالزم، ألست ترى في بعض الأحوال كما يكون أحياناً في رمضان، ومع جمع الناس، ومع كثرة الصلاة والتلاوة أنك سريع العبرة، كثير التذكر، حاضر القلب؟ قد رأيت ذلك، وقد لمسته، وقد عرفته وذقته، فما بالك تتخلى عنه؟ إنه ضعف العزيمة، إنه الانشغال بالدنيا، إنه عدم وجود المذكرات والمرغبات والملزمات التي نتواصى بها فيما بيننا، فنحن كما قلت: لا نجهل، ولكننا لا نعمل، والله عز وجل أسأل أن يبرئنا من هذه العيوب وأن يحيي قلوبنا ويزيد إيماننا.