وكذلك في المجتمعات ما يحتاج إلى تطهير، ومن ذلك: تطهير العادات الاجتماعية من التقاليد الغربية، ومن متابعة أهل الإباحية، وعدم التقيد بالآداب الشرعية، فكما ذكر الله عز وجل في غض البصر جاءنا من يشيع في مجتمعات المسلمين مصطلحات الصداقات البريئة، والزمالة الدراسية، وأن النفوس نقية، وأن القلوب طاهرة، ولا يؤثر فيها خلوة بريئة، ولا مناجاة حبيبة، ولا غير ذلك من الأسباب، إضافة إلى صور من العادات الاجتماعية التي خرج فيها جمهور الناس في مجتمعات المسلمين عن شرع الله عز وجل، كأنهم لا يعرفونه، وجعلوا كتاب الله وراءهم ظهرياً إلا من رحم الله عز وجل.
وصور أخرى تحتاج أيضاً إلى التطهير، وهي من أعظم ما يفتك بالناس ويؤثر فيهم سلبياً ولذلك فإن تطهيرها مهم؛ لأن هذا التطهير سينعكس على الناس، وهذا التطهير هو تطهير وسائل الإعلام ومناهج التعليم من كل ما لا يتوافق مع شرع الله عز وجل.
ولكل مسلم أن يقيس، وأن ينظر وإن كان حظه من العلم قليلاً، فإنه واجد بين كثير منها وبين شرع الله بوناً شاسعاً، وفرقاً كبيراً، بل معارضة ومعاكسة ظاهرة واضحة لا تؤسس في المسلم الارتباط بالله عز وجل، ولا تحببه في الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تربطه بسيرة الصحابة وأجيال الأمة في تاريخها العريق المجيد، بل تعمد إلى عكس ذلك في غالب الأحوال إلا ما رحم الله عز وجل، وذلك في كثير من ديار الإسلام والمسلمين.
وكل تلك الانعكاسات لها آثارها، ولا تجعل المجتمع أو الأفراد في المرتبة التي يكونون فيها محبوبين عند الله؛ لأن الله عز وجل يحب التوابين ويحب المتطهرين، الذين يتطهرون من هذه الأرجاس والأدناس والأوزار والأوضار، والمعاصي والآثام، التي عندما سرت وانتشرت وتكاثرت وعظمت؛ ألفها الناس فلم يعودوا ينكرونها، واستمرءوها فلم يعودوا يرون فيها غضاضة ولا تحرجاً، والله عز وجل قد جعل التربية الإيمانية تنبني على شفافية روحية، وعلى طهارة قلبية، وعلى صفاء إيماني يميز فيه العبد بين الحق والباطل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال:٢٩]، أي: قلوباً حية تفرقون بها بين الحق والباطل، وأنفساً طاهرة تأبى الأدناس والأرجاس، وروحاً محلقة لا ترضى أن تحوم حول الجثث، بل ترقى إلى آفاق السماء العليا، تطلب هواءً عليلاً، وجواً نقياً، وقمة سامقة.