[الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم]
الأمر الأول: الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:١٠٣].
قال الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية: يعني بذلك جل شأنه وثناؤه: وتعلقوا بأسباب الله جميعاً، يريد بذلك تعالى ذكره: تمسكوا بدين الله الذي أمركم به، وعهده الذي عهد إليكم في كتابه، من الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله.
وقال ابن كثير: وقد ضمنت لهم العصمة عند اتفاقهم من الخطأ.
يعصمون من الخطأ إذا ائتلفوا واتفقوا، وينجون من الآراء الزائغة والمواقف الحائرة والمواقف الخاطئة كذلك، والله سبحانه وتعالى قد بين ذلك في آيات كثيرة:{وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}[الحج:٧٨]، عندما تأتي الفتن وتشتد المحن نجد الناس يلجئون ويفزعون إلى ما يظنونه مستمسكاً ومستعصماً وملاذاً، فبعض الناس يرجع إلى قوى من قوى أهل الدنيا وإن كانت قوىً كافرةً باغيةً ظالمة، يلتمس الأمن في ظلالها، والحماية في جوارها، والنصرة في طريقها أو في مسيرها، وذلك من أعظم الزيغ وأشد الفتنة، وأكبر الارتداد عن دين الله سبحانه وتعالى، نسأل الله عز وجل السلامة.
والله جل وعلا يبين أنه لا عصمة إلا لمن اعتصم به، يقول سبحانه:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ}[النساء:١٤٦]، وغير أولئك لا ينجون، وغير أولئك لا يصيبون، وغير أولئك لا يكون لهم ما يقع به أمنهم من الخوف، ولا نجاتهم من الهلكة.
لا بد أن نتأمل في هذه الآيات وفي غيرها، وكذلك في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء:١٧٥]، لا شك أن المسائل مختلطة، وأن الأمور محيرة، فكيف تنكشف الطريق؟ وكيف يعرف المسار؟ وكيف تنجلي الغمة؟ وكيف تكشف الظلمة؟ إنه لا كشف إلا بنور الوحي، ولا بصيرة إلا ببصيرة الإيمان، ولا معرفة إلا بمعرفة اليقين، فكلما اعتصمنا بكتاب ربنا اعتصاماً حقيقياً عن وعي وإدراك، وعن إيمان ويقين، وعن ثبات وصبر فإن ذلك هو العون الأساسي.