نحن نعلم أن كل أحد في هذه الحياة الدنيا يلتمس أسباب النجاة، ويحرص على الفكاك من النار، والعتق من سخط الله سبحانه وتعالى، وإذا بالقرآن الذي يحرص عليه صاحبه، ويرتبط به، ويسعى دائماً إلى أن يكون عظيم الصلة به هو الذي يشفع لصاحبه، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من ذلك ما ورد في صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:(اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة)، قال معاوية أحد الرواة: بلغني أن البطلة هم السحرة، فهذا وعد منه عليه الصلاة والسلام أن القرآن يشفع لصاحبه.
وفي الأَثر أن المرء إذا انشق عنه قبره يلقاه القرآن في صورة إنسان، ويكون المرء قد شحب لونه من هول ذلك اليوم، فيطمئنه القرآن ويقول له: ألا تعرفني؟ فيقول: لا، فيقول: أنا الذي أظمأتك في الهواجر، أنا الذي أسهرتك في الليالي، ثم يشفع فيه فيشفع بإذن الله عز وجل.
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما).
وقد ذكر ذلك علماء الإسلام مذكرين بعظيم المنزلة والشرف الذي يحوزه حافظ القرآن والعامل به، قال ابن الجزري رحمة الله عليه عن القرآن: وهو في الأخرى شافع مشفعُ فيه وقوله عليه يسمع يعطى به الملك مع الخلد إذا توّجه تاج الكرامة كذا يقرا ويرقى درج الجنانِ وأبواه منه يكسيان وقد ورد في ذلك أحاديث وآثار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته.