[مخالفة الدول المحاربة للعراق وأفغانستان للقوانين والأعراف الدولية]
وأظننا لا نحتاج إلى إفاضة في الأحاديث التي ربما تسمعونها في المقالات والمداولات والمحاورات السياسية، ولكنني أنتقل في ومضات سريعة إلى عهد قريب وليس بعيداً؛ لنرى أن هذه الدول التي ترغي اليوم وتزبد في هذه الناحية القانونية، أنها قد خالفتها مراراً وتكراراً.
وما قالوه عن حق النقض -وهو حق من حقوق الظلم والبغي- قد استخدمته أمريكا أكثر دولة في العالم وأعلى نسبة لصالح دولة البغي والكيان الصهيوني الغاصب في أرض الإسلام، حتى مجرد ألفاظ فيها إدانات وكلمات كان الفيتو لها بالمرصاد، حتى في لجان تقصي الحقائق أو البحث عن الوقائع كان لها ذلك الفيتو بالمرصاد.
وقريباً من ذلك أيضاً نرى الصيغة القانونية العجيبة الفريدة التي ليس لها مثيل في العالم، وذلك في الأسرى الذين أسرتهم أمريكا ولم توجه لهم تهمة، ولم ترفع لهم حقاً قانونياً، ولم تشرع لهم حقاً إنسانياً، ثم تقول بعد ذلك: إنها ترعى القوانين، وإنها إنما تهدف إلى مثل هذه الرعاية! وهذه الحرب جريمة إنسانية؛ لأن الذي سمع أو قرأ بعضاً مما يقولونه عن الأسلحة وآثارها الإنسانية والبشرية وآثارها على البيئة والأرض والجو والبحر، يعلم أن طغيان القوم وإجرامهم بالغ مبلغاً لا تتصوره كثير من العقول، ولا تكاد تدركه، وقد قال ذلك خبراء منهم بألسنتهم، ومن قوادهم ومشاركيهم في هذه الجوانب العسكرية، وأن الأرض تتأثر بما يكون من هذه الأسلحة التي فيها جوانب الإشعاعات، ليس لمدة عشرات ولا مئات ولا آلاف من السنين، بل أكثر من ذلك! ويقولون بعد هذا كما يصرح هذا الجنرال الأمريكي: نقوم بكل جهد لكي نضمن أمرين: أقل دمار جماعي شامل! وهذا من فضل الله أن تعبيراتهم تدينهم، فهو يقول: أقل دمار جماعي شامل.
إذاً: ثمة دمار جماعي شامل، وهو يهدف إلى تقليله! ثم يقول: الأمر الثاني: أن يقدر العراقيون على الدخول في عصبة الأمم متى استطاعوا، ويقول: نريد تفادي وقوع خسائر بشرية، وليس عندنا شيء ضد شعب العراق، مشكلتنا مع النظام.
ولا نناقش هذا، ولا ندخل في تكذيبه، ولكننا نقول: استدعوا الأحداث القريبة، ما الذي جرى في أفغانستان؟! وأين ذهبت القنابل الذكية، ألم تقع فوق رءوس الناس وهم في الاحتفالات والأعراس؟! ألم تقع الأخطاء حتى قتلوا من جنود الحلفاء ما قتلوا؟! ألم تكن كمية القنابل التي ألقيت باعترافهم أكثر مما ألقي في الحرب العالمية الأولى والثانية؟! ثم بعد ذلك كلنا سمع وعلم ماذا جرى من استخدام لأسلحة اليورانيوم في بلاد المسلمين في البوسنة والهرسك، وحرب الخليج التي سبقت، وما زال آثار الأمراض والتشويهات الخلقية حتى في بعض جنودهم فضلاً عن أبناء العراق، والأجنة المشوهة والأطفال المشوهين من آثار هذه الجرائم العظيمة للدولة العظيمة في طغيانها وبغيها.