كسب العمل التدرب على المهن الفرص التي تتاح في هذا الوقت للشباب، لماذا لا تستغل في العمل والجد وتحمل المسئولية؟ لماذا يبقى شبابنا حتى التخرج من الجامعة وهو لا يزال غير قادر على تحمل المسئولية؟ ألم يكن من صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم من قاد الجيوش وهو في السابعة عشرة من عمره؟ ألم يكن منهم من تولى الإمارة، ومن عمل أعمالاً وقام بمهمات عظام، كمهمة نقل القرآن وكتابته التي قام بها زيد بن ثابت وهو شاب غض طري، فلماذا لا نعود أبناءنا على تحمل المسئولية؟ ولم يعيشون على كد آبائهم فحسب دون أن يتهيئوا لحمل المسئولية والقيام بالعمل؟ لقد كان عمر بن الخطاب ينظر إلى الرجل فتعجبه عبادته وطاعته، فيسأل عن عمله ونفقته، فيقال له: إنه لا عمل له، وإن أخاه أو أباه ينفق عليه، فيسقط من عينه؛ لأن الإنسان بلا عمل وبلا مسئولية وبلا مهمة لا قيمة له، كيف يعيش بغير كدح في الحياة واستثمار لها، وأخذ بالأسباب التي تعينه على طاعة الله عز وجل فيها.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(ما أكل ابن آدم طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده)، ونعلم توجيهه عليه الصلاة والسلام عندما للرجل الذي جاءه يسأله فأعطاه، ثم جاء يسأله فأعطاه، ثم قال له:(أليس عندك من مال؟ قال: لا إلا قصعةً وكذا، قال: فائتني بهما، فنادى بهما النبي صلى الله عليه وسلم للبيع فبيعا بدرهمين، فقال: كل بدرهم واشتر بدرهم فأساً أو قدوماً، ثم اذهب فاحتطب، فذهب فعمل فدعا له النبي عليه الصلاة والسلام)، وبين أن شرف العمل وقيمته في هذا الدين الإتقان فيه، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، لا بد أن نستغل هذا الوقت لنشغل أبناءنا وفتياتنا بما يعود عليهم بالفائدة والنفع.
ونحن نعلم أن هناك فرصاً من العمل تتاح للطلبة على وجه الخصوص ليشغلوا أوقاتهم، وليكتسبوا بعض الخبرات، ولكن أيضاً هناك بطالة مقنعة، بعضهم يأخذ أعمالاً أو وظائف لمجرد أن يأخذ بعض الأموال دون أن تكون هناك مهمة ولا عمل ولا اكتساب لخبرة، هذا أيضاً نوع ليس مرغوباً فيه.
ونجد أيضاً فرصاً أخرى تتيحها معاهد التدريب المهني للتدرب في مجال الكهرباء أو الميكنيكا أو غير ذلك من الأمور النافعة التي تجعل الإنسان عنده مهنة تدفع عنه الفقر إن شاء الله عز وجل، وهذا أمر متاح معروف، وقد رأيت له إعلانات كثيرة تدعو الشباب إلى أن يشتركوا في مثل هذه الدورات المجانية بغير مقابل، فاذهبوا وانظروا مدى الإقبال عليها، فإنكم واجدون حالةً تحتاج إلى إعادة نظر.
وهناك فرص أخرى كثيرة ينبغي أن تستثمر؛ لأجل العمل، ولأجل تحمل المسئولية، ومن ذلك المراكز الصيفية التي تجمع بين كثير من المنافع: في استغلال الأوقات، والدفع والتشجيع على العبادة والطاعات، وزيادة العلم والثقافة، واكتساب المهارة، وغير ذلك.
والرسول عليه الصلاة والسلام قد بين لنا أنه:(ما من نبي إلا وقد رعى الغنم)، وأخبر عن نفسه أنه كان يرعاها لأهل مكة على قراريط، ليبين لنا شرف العمل.
وكان علماؤنا منهم الفراء، ومنهم الخياط، ومنهم البزاز، ألقابهم تدل على مهنهم، فإنهم اشتغلوا بالعمل وبالعلم، وتحملوا المسئولية، فينبغي لنا أن نلغي هذه الصورة من ترك العمل والعلم، خاصةً في صفوف أبنائنا وشبابنا:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:١٠٥].
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.