ووجه آخر من العظمة أن برهما معدود من الجهاد في سبيل الله، والجهاد من أعظم الأعمال وأشرفها، وأجلها من حيث كونه بذلاً للروح وإزهاقاً لها في سبيل الله عز وجل، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال له عليه الصلاة والسلام:(أحي والداك؟! فقال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو.
وروى أنس أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(يا رسول الله! إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه.
فقال له صلى الله عليه وسلم: هل بقي من والديك أحد؟ فقال: أمي.
قال: قابل الله في برها، فإذا فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد) رواه أبو يعلى في مسنده والطبراني في معجمه بسند جيد، وصححه العراقي.
ففي هذا أنه قال:(أريد الجهاد ولا أقدر عليه) فدله على عمل -صلى الله عليه وسلم- يكون به من المجاهدين؛ لأنه قال في الحديث السابق:(ففيهما فجاهد).
وعن ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم -وهذا الحديث عظيم في تقديم بر الوالدين على الأمور العظيمة والأعمال الجليلة- فقال:(أي العمل أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عبادة الله.
قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين.
قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) فقدم بر الوالدين على الجهاد.