واستمعوا إن شئتم إلى تجارب الأمم الأخرى والتي ينظر إليها البعض على أنها مجتمعات وحضارات يراد أن نقتدي بها، لا أريد أن أشير إشارات مطلقة، فإن الإشارات المطلقة معروفة، ومجتمع الغرب اليوم وحضارة العصر اليوم لا أقول: إنها تجني ثماراً مرة، ولكنها تعيش حياة الضنك والضيق التي وصفها الله عز وجل بقوله:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:١٢٤] ليست بالآلاف ولا بعشرات الآلاف، ولا الملايين، بل بعشرات الملايين من الأطفال الذين يعتبرون لا أسر لهم من الآباء والأمهات، اللائي ينشأ عندهن أو يأتيها هذا الطفل وهي لاهية ساهية منشغلة بعملها، منطلقة في حياتها، إضافة إلى أمور أخرى.
ولكني أنقل لكم تجربة واحدة في مقالة محددة لشخص معروف، وهو الزعيم السوفيتي السابق غورباتشوف الذي يقال: إنه صاحب الإصلاح الأكبر في تلك البلاد، يخبرنا عن التجربة التي خاضها هو ومن معه، ويخبرنا عن الدور الرائد الذي قاموا به في مساواة المرأة، وفتح الأبواب أمامها، وغير ذلك من النجاحات، ثم يقف ويستدرك ويقول: ولكن طوال سنوات تاريخنا البطولي والشاق عجزنا عن أن نولي اهتماماً لحقوق المرأة الخاصة، واحتياجاتنا الناشئة عن دورها كأم وربة منزل ووظيفتها التعليمية التي لا غنى عنها للأطفال.
إن المرأة استعملت في مجال البحث العلمي، وفي مجال الإنتاج، والخدمات، وشاركت في النشاط الإبداعي، ولم يعد لها وقت للقيام بواجباتها في المنزل وتربية الأطفال وإقامة جو أسري طيب، لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشواب، وفي معنوياتنا وثقافتنا في الإنتاج تعود جزئياً إلى تدهور العلاقات الأسرية، ولهذا السبب فإننا نجري مناقشات جادة بخصوص مسألة ما يجب أن نفعله لنسهل على المرأة العودة إلى رسالتها النسائية البحتة.
إنهم في ذلك الوقت منشغلون بهذا الأمر؛ لأنهم وجدوا آثاره الوخيمة، وأضرارها العظيمة في شتى مجالات الحياة.
إن غياب دور الأم المربية يعني أطفالاً مشوهين نفسياً؛ لأنهم فقدوا عطف وحنان الأمومة؛ أثبتت الدراسات العلمية أنه تبقى آثاره غائرة في قلوب ونفوس هؤلاء الأطفال، وينشئون وعندهم من الاضطراب النفسي، والحرمان العاطفي، ما يكونون به غير أسوياء، وغياب دور المرأة ومعها كذلك غياب دور الأب هو الذي أوجد في مجتمعاتنا اليوم انحرافات فكرية وسلوكية، حتى رأينا ما لم نكن نرى من قبل، وسمعنا ما لم نكن نسمع من قبل، ورأينا كيف أثرت هذه الأوضاع في حياة شبابنا على واقع مجتمعاتنا.