للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تربية البنات على الإيمان وهدى الإسلام]

إن التنشئة والتربية الصالحة، والسير على طريق الإيمان وهدى الإسلام، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كفيلة بأن تلحقهم بك، وأن تنتفع منهم بإذن الله عز وجل، كما ثبت في الصحيح: (أو ولد صالح يدعو له).

إنها مسألة مهمة، وقضية خطيرة، تتضح خطورتها في الجانب السلبي الآخر لمن فرط لمن ضيع لمن لم يؤد الأمانة لمن لم يقم بالمسئولية لمن فرط في أولئك الذرية: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر:١٥] قال أهل التفسير في معناها: يفرق بينهم فلا يجتمعون، إما بأن يكون بعضهم في الجنة والآخرون في النار، وإما -والعياذ بالله- أن يكونوا جميعاً في النار ولا يجمعون، فيجتمع عليهم عذاب وحزن لا سرور فيه، نسأل الله عز وجل السلامة.

كيف تربى البنات؟ قضية مهمة في مسألة الأم المربية، ألسنا اليوم نرى بنات لا هم لهن إلا موضات اللباس، وألوان مكياج الزينة، لا تفكر إلا في جوانب محدودة معدودة من الأمور الدنيوية البهرجية؟ وربما تعني كثيراً في جانب التعليم بفروع من العلم لا تعود عليها بكثير من النفع والفائدة.

وربما كان في هذا الجانب فائدة، لكن المهمة الأولى من هو هذا الطفل؟ ما نفسيته؟ ما معنى التربية؟ ما وسائلها؟ ما مناهجها الإسلامية؟ من يعلم هذا للبنات؟ من يعدهن ليكن المربيات؟ مسألة أساسية مهمة، وواجب خطير، تؤكد ذلك علينا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتبينه سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، ألا وكلكم راع ومسئول عن رعيته) أين هذه الرعية؟ ألسنا اليوم نرى الشعوب وهي تطالب حكامها والمسئولين عنها بأن يوفروا العدالة، وأن يوفروا الأرزاق، وأن يوفروا ويوفروا، فأين مطالبات الرعية في بيوتنا؟ وأين حقوقها المهضومة؟ أين هذا الأب وتلك الأم من الحقوق في العدالة والتربية والتعليم والتزكية؟ أين هذه المهام الضائعة التي ليس لها من يطالب بها، وننشغل بالمطالبة بما يوصف في بعض الأحوال بأنه من حقوق المرأة وهو بعيد عن حقيقتها وطبيعتها وحقوقها ومكانتها كما أرادها الله عز وجل؟ من الذي يطالب؟ هل رأيتم في المحاضرات والندوات أو في وسائل الإعلام من يجعل هذه قضية لا بد أن نعنى بها، وأن نطالب بها، وأن نوفر الأسباب لحصولها؟ ثم انظر إلى التركيز الخاص الذي يجعله النبي صلى الله عليه وسلم لتربية البنات على وجه الخصوص، وذلك لما لتربيتهن من أثر محمود على الأجيال المستقبلية، وقد أسلفت قول القائل: (إذا علمت رجلاً فقد علمت فرداً، وإن علمت امرأة فقد علمت جيلاً أو أمة) لذلك يأتينا حديث النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم وغيرهما: (إن من بلي بهذه البنات فأحسن إليهن كن له ستراً من النار) لماذا؟ لأنه يعد زوجة صالحة، وأماً مربية، لأنه يعد للأمة من يخرج أجيالاً مؤمنة متوضئة.

مسألة مهمة يؤكدها ويعضدها حديثه صلى الله عليه وسلم عند الشيخين أيضاً: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين) وذكر منهم النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل تكون عنده الأمة، فيعلمها ويحسن تعليمها، ويؤدبها ويحسن أدبها، ثم يعتقها فيتزوجها) لم خصها بالذكر؟ لأن هذه التربية وذلك الأدب سيكون له عظيم الأثر.