إننا لنرى أموراً في هذه الأيام عجيبة، فإن القنوات الفضائية العربية المنطلقة من البلاد الإسلامية والممولة من المسلمين ترى فيها عجباً، فلم يعد الأمر اليوم مقتصراً على امرأة تظهر بادية الوجه والشعر، بل ولا ظاهرة اليدين والذراعين، بل ولا مكشوفة كاملة إلا ما يغطي السوءتين؛ لأن ذلك اليوم قد صار من الأمور المعتادة، إذ اليوم تأتي هذه العورات مع اللقاءات والكلمات والقبلات والمعانقات، وغير ذلك من الأمور التي لم يعد باقياً منها إلا ممارسة الفواحش على هذه القنوات، أعني القنوات العربية المسلمة باعتبار ملاكها ومموليها، ولا أريد أن أذكر إحصاءات وأرقاماً، فإن الأمور مفزعة إلى أقصى ما يمكن تصوره، ولكن أذكر منها اثنتين: الأولى: في دراسة لخمسمائة فيلم من الأفلام التي تعرض كانت النسبة أن نحو اثنين وسبعين في المائة مما يعرض في هذه الأفلام مركز في مناظر وحوارات الحب والجنس والجريمة، أي: ثلاثة الأرباع.
فأين ما يزعمونه من معالجة المشكلات؟ وأين هي الثقافة في تلك الأفلام والمسلسلات؟ وأين وأين مما يقال ويدعى؟ ونحن نعلم ذلك ونقرأ عنه، وربما ابتلينا به فشاهدناه كذلك.
الثانية: وفي دراسة أخرى على مائة فيلم وجد أن فيها بنسبة ثمانية وتسعين في المائة لقطات أو كلمات مما يثير الغرائز الجنسية، ويهيج هذه المعاني الساقطة.
ونحن عندما نقول ذلك ننتقل إلى وجوه أخرى كثيرة، ونحن نعلم ما يدور في مجتمعاتنا وديارنا الإسلامية اليوم، حتى الأذن المصغية قد جاء النهي عن إصغائها إلى ما يثير هذه الكوامن، فالله جل وعلا في سياق الأمر الوارد والتوجيه الوارد لأمهات المؤمنين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -وهن الطاهرات العفيفات المؤمنات القانتات العابدات- ورد الأمر إليهن بقوله:{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب:٣٢] لا يقلن كلاماً متكسراً متأنثاً فيه الإغواء والإغراء، والتهييج والإثارة، حتى لا يؤدي ذلك إلى الفتنة وإثارة الشهوة.