الوجه السابع: التكفل الرباني بالحفظ المتعلق به، وقد جاء الحفظ له وجاء الحفظ لكتابه ولسنته صلى الله عليه وسلم.
أما حفظه عليه الصلاة والسلام فقد قال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة:٦٧] كان النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر يحرس، كان الصحابة يتناوبون حراسته ليلاً ونهاراً؛ خوفاً عليه من الأعداء، فلما نزلت هذه الآية رفع الحرس.
ومن لطائف ما ذكر من محبة وتعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (أنه لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب بنت زعيم اليهود الذي كان من ألد أعداء الإسلام وقتل، فلما بنى النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الزوجة من أمهات المؤمنين كان في طريق عودته إلى المدينة، وعُملت له قبة ودخل عليها، فلما أصبح نظر النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عند قبته أبو أيوب الأنصاري وهو قائم بسيفه، فقال: مالك يا أبا أيوب؟ قال: يا رسول الله! خشيت عليك من هذه المرأة، قد قتلت -يعني: في المعركة- أباها وزوجها وأخاها وعمها وقومها فخشيتها عليك يا رسول الله) يعني: أن الصحابة كانت قلوبهم معلقة به عليه الصلاة والسلام، فخاف عليه من ذلك، لكن نزلت هذه الآيات تبين عصمة الله لرسوله عليه الصلاة والسلام.
كذلك قال الله سبحانه وتعالى:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:٩٤ - ٩٦].
أما حفظ الله جل وعلا لكتابه ففي قوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:٩]، أما حفظ السنة التي بينت القرآن فهي تبع لذلك، وهذا لم يكن إلا لرسولنا صلى الله عليه وسلم، أهل الكتاب قال الله عز وجل عنهم:{وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ}[المائدة:٤٤] معنى ذلك أن الأحبار أوكل إليهم حفظ كتاب الله، فما الذي جرى؟ قال الله عنهم:{وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}[آل عمران:١٨٧]، أما كتاب الله الذي أنزله الله على رسوله عليه الصلاة والسلام وهو القرآن فقال عنه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:٩].