{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٢] ما هي وصايا الآباء والأمهات لأبنائهم؟ ما الذي يقولونه لهم؟ ما الذي يحبذونه منهم؟ ما الذي يرغبونهم فيه؟ ما الذي يحثونهم عليه؟ ما الذي يدور في البيوت؟ ما الذي يقال فيها؟ ألسنا ونحن اليوم على أعتاب الاختبارات نرى أن كثيراً من الاهتمام يكاد يستولي على أذهان الآباء والأمهات في سائر الأوقات بسبب الدراسة والعلم والنتيجة، دون أن يكون وراء ذلك أو معه أو فيه ما يلفت النظر إلى حقائق الإيمان، وأخلاق الإسلام، ولزوم وجوب التربية، والصلة بالله، ونحو ذلك من الأمور العظيمة والمهمة؟! والله سبحانه وتعالى يبين لنا أيضاً في قصة يعقوب عليه السلام:{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}[البقرة:١٣٣] في آخر لحظات الحياة أي شيء كانت وصيته؟ أي أمر كان منصباً عليه اهتمامه؟ هل هو البيوت والدور والتركات والمواريث؟ هل هو العناية بالأمور الدنيوية والشكلية؟ إن قلبه الذي كان معموراً بالإيمان، والذي كان مسكوناً بالتقوى، وفكره الذي كان موصولاً بالله سبحانه وتعالى؛ جعل أهميته وتركيزه في آخر لحظات حياته على قضية الإيمان، والإسلام، والتربية، والاستقامة على منهج الله عز وجل، إن من يذكر هذا في مثل تلك اللحظات الحرجة التي يفارق فيها دنياه، ويودع الحياة بما فيها، ومن فيها لا شك أنه كان ذاكراً لهذه المهمة، ومعتنياً بها في كل أوقاته، وذلك ما ينبغي أن يلفت أنظارنا إلى هذه السير، وفي هذه الآيات.
وليس هذا حديثاً إلى الرجال فحسب، بل هو كذلك حديث إلى النساء إلى الأمهات المربيات اللائي ننظر إليهن وإلى دورهن على أنه محوري وأساسي وجوهري، فيما نريد لأمتنا من الصلاح وفيما ننشده من تغيير أحوالنا إلى الأفضل والأمثل بإذن الله عز وجل، وكما قلت: إن دور تربية الأم في البيت هو أشد تأثيراً، وأقوى نفعاً من كثير من الوسائل المادية، والأسلحة العسكرية وغيرها.