[مواقف من انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم باليقين]
يقول الله جل وعلا:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}[الشعراء:٢٢٧].
لقد قاله سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قبل بدر عندما خرج غير معد ولا مستعد، ثم واجه جيشاً يبلغ ثلاثة أضعاف عدده وعدته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم؛ هذا مصرع أبي جهل! هذا مصرع أمية! هذا مصرع عقبة بن أبي معيط!) فلم يخطئ واحد منهم المكان الذي عينه له صلى الله عليه وسلم.
إنه اليقين بنصر الله! قاله أبو بكر يوم رأى محمداً صلى الله عليه وسلم يرفع يديه ويلح في الدعاء حتى يسقط رداؤه عن منكبيه، ثم يقول:(حسبك يا رسول الله! إن الله منجز لك ما وعد).
أفليس هذا اليقين الذي نفتقده؟! أوليس هذا الإيمان الذي إذا غاب من قلوبنا لم يكن لنا بعد ذلك قيمة ولا وزن، ولا كلمة ولا هيبة ولا عزة؟ ينبغي أن ندرك حقائق الأمور.
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص:٥ - ٦]، أي شيء كانوا بنو إسرائيل وأي قوة كانت مع موسى عليه السلام؟! ألم يكن فرعون هو فرعون القائل:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤]؟ ألم يكن فرعون هو صاحب القوة والبطش والجبروت؟ لكن لما قال أصحاب موسى {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء:٦١] نطق لسان الإيمان واليقين، فقال موسى عليه السلام:{كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء:٦٢] فانفلق البحر، فنجا موسى وغرق فرعون، وذهبت قوته بجند من جنود الله عز وجل.
أولم يقل أبو بكر رضي الله عنه يوم الغار:(لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله معنا)، لقد كان يقينه عظيماً عليه الصلاة والسلام يوم كانت حباله بالله موصولة، يوم كان قلبه بالله متعلقاً، يوم كان توكله على الله صادقاً، يوم كانت تقواه لله خالصة، يوم كانت إنابته إليه دائمة، عندما يكون ذلك كذلك تتحقق الأمور.
{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}[التوبة:٥١] أفليس لنا يقين بذلك؟ أفنظن أنه سيصيبنا أمر إذا أرادت أمريكا أو روسيا أو غيرها؟ كلا والله، لا يبلغ أولئك القوم شيئاً إلا بإرادة الله وقدره الذي يشاؤه، لحكمة يعلمها جل وعلا.