حسن الصلة ظاهر في ركن ركين وأساس متين وهو العمل بالطاعات والقيام بالفرائض؛ ذلك أن المسلم في هذا الشهر الكريم أحرص ما يكون على تكميل إيمانه وعلى تحقيق إسلامه، فصلاته يشهدها في الجماعات، ويبكر إليها مع الأذان، ويحرص على اغتنام الأوقات مع حضور القلب والخشوع والتذكر والاتعاظ والاعتبار، فإذا به يأتي بها على صورة أكمل وعلى هيئة أفضل، فيكون له من أثرها ومما فيها من حسن الصلة بالخالق ما يحدث له امتلاءً بعظمته في القلب وشعوراً بصدق توقيره وإجلاله في النفس.
مع ما يكون فيها من الخضوع له والذل بين يديه والانكسار في السجود، وإخضاع الجوارح كلها انكباباً على الأرض وتعظيماً للرب سبحانه وتعالى، والعمل بالفرائض لفضيلة الزمان ومضاعفة الأجور يجعل المرء يحسن صلته بالله عز وجل في صلاته، فيتلو الآيات وقلبه يخفق بالتعلق، وعقله متدبر فيها، وجوارحه خاشعة ساكنة معها، ويشعر حينئذ بلذة ما بعدها لذة، وحلاوة ليس فوقها حلاوة، ويستحضر ذلك المثل العظيم والنموذج الأعظم في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال:(وجعلت قرة عيني في الصلاة)، فكم في هذه الصلة العظيمة من وصل عظيم! فإننا نحرص في هذا الشهر على كثير وكثير مما سيأتي ذكره.