للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكم المتعلقة بالطلاق]

الحمد لله أتم النعمة، وأكمل الدين، ورضي لنا الإسلام ديناً، أحمده سبحانه وتعالى على ما أنعم علينا به من الإيمان، وما أكرمنا به من الإسلام، وما وفقنا له من الطاعة والالتزام، أحمده جل وعلا حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، حمداً يكافئ فضله وإنعامه، وينيلنا رحمته ورضوانه، ويقينا سخطه وعذابه، حمداً نلقى به أجراً، ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده ذخراً، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شيء بعد.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ما من خير إلا وأرشدنا إليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ورزقنا وإياكم اتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون! ما يزال حديثنا موصولاً في موضوع المرأة والأسرة، وما يتصل ببناء المجتمع الإسلامي في هذا الشأن العظيم المهم من شئونه الاجتماعية.

وحديث اليوم يتصل بأمر من الأمور التي يكثر فيها مخالفة الناس لشرع الله، والتي يكثر فيها جهل الناس في ذلك الأمر بشرع الله، ويختلط عليهم كثير من حكمه وأحكامه.

هذا الموضوع بعنوان (الطلاق حِكم وأحكام)، فيه أمور مهمة، وهو في حد ذاته وما يتصل به في شأن الأسرة من أعظم وأهم الأمور التي يحتاج المجتمع الإسلامي إلى معرفة الأحكام والاطلاع على الحكم فيه، والبعد عن مخالفات شرع الله سبحانه وتعالى؛ لما يترتب على ذلك من تهديم الأسر، وتقويض البيوت، وتشتيت الأبناء، وتقطيع الأواصر بين أسر المجتمع الواحد.

والناظر بنظرة غير عميقة ولا مستقصية لحكم التشريع وأحكام الله سبحانه وتعالى، والذي يذعن ويسمع للشبهات المثارة حول هذا الأمر، يظن لأول وهلة أن الطلاق شر كله، والنساء على وجه الخصوص ينظرن هذه النظرة أكثر من الرجال، والحق أنه ليس في شرع الله عز وجل إلا الخير المحض، وإلا الصلاح التام، وإلا الكمال المطلق، ولا يأتي النقص ولا يظهر الشر إلا من سوء أفهام الناس ومن مخالفتهم لتشريع الله سبحانه وتعالى.

فلنقف هذه الوقفات المهمة في هذا الشأن الخطير من شئون الأسرة والمجتمع.