الحمد لله الذي أتم النعمة وأكمل الدين، وجعل الحجة على كل أحد لكتابه المبين، وجعل العصمة في كل أمر لرسوله الكريم، نحمده سبحانه وتعالى، لا إله غيره، ولا رب سواه، لا يخيب من رجاه، ولا يضل من استهداه، ولا يحرم من استعطاه، من توكل عليه كفاه، ومن التجأ إليه وقاه، له الحمد كما يحب ويرضى على آلائه ونعمه التي لا تُعد ولا تُحصى.
والصلاة والسلام التامان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب هذا الكلام في موازين حسناتنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وأن يجعل لنا به أجراً، وأن يجعل لنا من ورائه نفعاً.
إن اختيار هذا الموضوع لم يكن بطلب من أحد ولا بتحديد منه، وإنما كان بمبادرة مني، وإذ أعترف بذلك فإني أقر بأن الموضوع مشكل، وكان بعض الأساتذة يقولون: إنه موضوع شائق.
فقلت: هو بالكاف لا بالقاف.
فهو شائك، وربما بين طرفي الموضوع يغضب من قد يظن أنه انتُقِصَ شيءٌ من تلك الحماسة، أو تكون لفئة أخرى غضبة مقابلة إن رأوا أنه قد جاء الحيف على الكياسة، وبين الأمرين دائماً يكون شيء من التوازن المطلوب الدقيق الذي لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الخلل، فنسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد.
وأول ما نبدأ به من حديثنا حديثنا عن عنوان هذا الموضوع، ولا شك أننا سنحاول أن نجعل حديثنا في نقاط محددة وفي تعليقات مختصرة؛ لأن الموضوع رحب الجوانب متعدد الشعاب كثير الفروع دقيق المآخذ، مما يجعل الاسترسال في بعض فروعه يحيف باستكمال الموضوع في بقية جوانبه.