للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بلاء الإيدز وانتشاره في المجتمعات الإسلامية]

وكذلكم أنتقل بكم إلى الموضوع لنعود إلى هذه القضية مرة أخرى: يكثر الحديث اليوم في وسائل الإعلام صحفاً وإذاعات وقنوات عما ينتظر أو يرتقب مما يعرف باليوم العالمي للإيدز، مرض نقص المناعة الذي فتك بملايين البشر، وتقول الإحصاءات: إن المصابين بهذا المرض والعاملين له بلغ اليوم خمسة وأربعين مليون إنسان، وإن العدد يتزايد بكثرة مذهلة مخيفة مرعبة، وأنه قد حصد في العام الماضي ثلاثة ملايين نفس، وأن هذه الإحصاءات يتبعها إحصاءات دقيقة يصعب أن تحدد أرقامها وهي إحصاءات المبالغ المالية المنفقه على الأبحاث، والمختبرات، وتحليل الدم، والعلاج، والعزل الصحي، وغير ذلك الذي فاق ليس مئات ولا آلاف بل بلغ عشرات ومئات الآلاف من الملايين التي تهدر في مثل هذا الباب الذي سببه الخطايا والفواحش كما سنشير، هذه الإحصاءات تقول: إن العام الحالي الذي سينصرم بموجب التاريخ الميلادي قريباً قد سجل فيه وحده خمسة ملايين حالة جديدة مصابة وحاملة للمرض، فإذا كان هذا يشكل نحو عشر الذي مضى وقد اكتشف المرض عام (١٩٧٩) إذاً: فهذا العام كأنما ينذر بأن الأمر قد وصل مبلغاً عظيماً خطيراً فتاكاً يوشك أن يكون من أعظم بل هو في الحقيقة أعظم بلايا هذا العصر.

ولعلنا نتساءل: لم نتحدث عن هذا ونحن بحمد الله عز وجل في بلاد الإسلام وبلاد الحرمين؟ فنقول: إن الشر يعم ولا يخص، وإن مثل هذا البلاء قد غزا كل دار وبلاد، إحصاءات المسئول الرسمي في وزارة الصحة السعودية يقول: إن عدد الحالات المسجلة لهذا المرض في المملكة العربية السعودية يصل إلى أقل من ثمانية آلاف حالة، منها أكثر من ألف وخمسمائة لمواطنين، وأخرى لقادمين أو راحلين، ويعطينا مؤشراً ويقول: إن (٩٠%) من أسباب هذا المرض في العالم كله هو الاتصالات الجنسية المنحرفة والشاذة، ويسميها أهل الحضارة المعاصرة: الاتصالات غير الآمنة، ويريدون أن يعلموا الناس كيف يقومون ويمارسون الحرام والفاحشة ولكن بطرق صحية آمنة، والله عز وجل يخبرنا في شطر آية أن هذا أمر بعيد المنال؛ لأنه قد قال جل وعلا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} [طه:١٢٤]، ويخبرنا الحق سبحانه وتعالى بأن للسيئات آثاراً وخيمة مادية ملموسة محسوسة قال تعالى: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الزمر:٥١] كل سيئة وشذوذ وانحراف وفاحشة لا بد لها من عقوبة دنيوية معنوية ومادية، فضلاً عما هو أعظم وأفظع من العقوبات الأخروية.

وتأتينا الإحصاءات في المملكة لتقول: إن (٤٥%) من أسباب الحالات المسجلة اتصالات جنسية، و (٢٠%) نقل لدم ملوث في خارج المملكة و (٦%) جناية أمهات مصابات على أجنة بريئة و (٢%) من أسباب إدمان المخدرات، وتبادل الحقن الملوثة و (٢٧%) أسباب مجهولة غير معروفة، وأما الأعمار المصابة فهي ما بين الخامسة عشرة إلى الخامسة والأربعين من العمر، زهرة الشباب وبداية الرجولة تلك التي تحصدها هذه الأمراض الخطيرة: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً} [البقرة:٢٦٨]، {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٢٨].