وأخيراً: التعاون والتكامل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:٢]، نحن أمة الإسلام أمة الإخاء أمة الوحدة أمة الارتباط:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:١٠]، والله عز وجل قد بين لنا أن أعظم منة منَّ بها على رسوله صلى الله عليه وسلم هي التأليف بين القلوب الذي يتبعه توحيد بين الصفوف، ويتبعه تكامل في العمل ومواجهة الأعداء، كما أخبرنا الله جل وعلا:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}[آل عمران:١٠٣].
وكما صور لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم قضية التكامل بقوله:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، وقوله:(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وقوله:(مثل المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى)، وقوله:(المؤمن مرآة أخيه)، أين هذه المعاني والفرقة قد دبت والخلاف قد استشرى، والكل قد أدبر عن أخيه؟ ولكننا نجد هذه الدعوة إلى هذا الائتلاف والانسجام مع وجود وتضاعف العداء بحمد الله تلقى صدىً واسعاً، فقد جعل الله سبحانه وتعالى من حكمته ورحمته تسلط الأعداء سبباً في تكتل المسلمين وتقاربهم.
نسأل الله عز وجل أن يبصرنا بديننا، وأن يجعلنا في سبيله ولدعوته باذلين وعاملين، وأن يجعلنا على نهجه وعلى الإيمان به وعلى متابعة رسوله مؤتلفين ومتفقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.