[الفضائيات أسبابها وآثارها وأضرارها وطرق الوقاية منها]
الهاوية الثالثة: الفضائيات التلفزيونية بكل أنواعها المختلفة.
الوقفة الأولى: أكثر المشاهدين والمتأثرين بالفضائيات هم من الشباب والشابات، وهنا ومضات سريعة في هذا؛ لأن الأرقام موجودة، والدراسات العلمية مكتوبة ومطبوعة ومقروءة.
أولاً: الشابات أكثر مشاهدة وتأثراً بالفضائيات من الشباب، لماذا؟ لأن قدرتهن على الخروج والتحرك أقل، فهن في بيوتهن وفي حجرهن يقضين أكثر الوقت مع هذه الفضائيات.
ثانياً: الشباب أكثر تجمعاً ومشاهدة جماعية من الشابات لهذه الفضائيات.
ثالثاً: الأسر تتأثر وتبدأ تنحل عرا أخلاقها وآدابها شيئاً فشيئاً، وذلك بإدمان المشاهدة المحافظة نسبياً كما يقولون.
رابعاً: الشيوخ يتصابون، والعجائز يتشببن، فالتأثر ليس مقتصراً على الشباب، فكم من شيخ عجوز يفتن وينحرف، ويصل إلى درجة من الانحراف لا يصدقها عقل، وعنده من الأبناء والبنات بل وربما الأحفاد والحفيدات ما يجعل مثل فعله قبيحاً في غاية القبح.
خامساً: الصغار هم الضحايا الأبرياء، حيث تتفتح أعينهم على هذه القنوات منذ بداية نعومة أظفارهم، وتنطمس بصائرهم، وتسود فطرهم، وتختل موازينهم، وتقبح كلماتهم، وتنحرف سلوكياتهم، شاء آباؤهم وأمهاتهم أم لم يشاءوا، عرفوا أو لم يعرفوا.
الوقفة الثانية: أننا نجد في هذه القنوات من الأمور المؤثرة الشيء الكثير، ولا أريد أن أذكر النسب، ولا أريد أن أذكر أوقات عرض هذه النسب.
في كل قناة برامج دينية كم نسبتها؟ قدروها، ومتى تعرض؟ عندما ينام الناس، ولم يعد هناك مشاهدون، يبدأ بث هذه البرامج، ويقومون بإعادتها وإعادتها كرات ومرات، حتى من يشاهدها ويقصد مشاهدتها بعد فترة يصبح قد حفظها ومل منها، لكن أوقات الذروة -كما تسمى- التي فيها أكثر المشاهدين ماذا فيها؟ أولاً: باقات الأفلام التي يعلن عنها على صفحات الجرائد وعلى شاشات التلفاز، فيها محتويات تخرب العقائد والأفكار والتصورات، وتزيغ العقول، وتحرف السلوك، وتدعو وتحث وترغب وتسهل الجرائم.
ثانياً: هذه الفضائيات تحطم الحدود، فليس هناك حدود جغرافية، ولا حدود أخلاقية، ولا مراعاة ثقافية، ولا خصوصية قومية أو وطنية، فهي تتجاوز ذلك كله، بل إن الإعلانات حتى في القنوات غير العربية تقدم باللغة العربية، وتكتب الأرقام ويقال: من يتحدث بالعربية فهذه الأرقام كذا وكذا، ومن يتحدث بغيرها فهذه الأرقام كذا وكذا، وتظهر على الشاشات الجمل باللغة العربية وهي جمل تدعو وترغب.
ثم أيضاً: البدعة الجديدة المحدثة، تلك الأغاني الخليعة الماجنة التي لا يعرف الإنسان هل هو يستمع إلى غناء أم ينظر إلى فجور وفسق؟ وإن كنا نعلم حرمة ذلك كله، لكن الناس كانوا يستمعون إلى الغناء، والأثر فيه أقل، واليوم يرون فيه ما يرون.
ثالثاً: البرامج المباشرة، وما أدراك ما فيها من الأحاديث والمغازلات والمعاكسات، وكنت أقول فيما سبق: يشتكي بعض الناس من بعض المعاكسات على هاتف منزله، فيصدر الأمر بالمراقبة، وتكون هناك عقوبات من الإمارة، أما اليوم فعلى صفحات الجرائد الإعلان: إذا أردت أن تهدي عبر الهواتف المحمولة أغنية أو تسجل رسالة أو تنقل صورة أو غير ذلك!! أصبح الأمر في هذا شائعاً متاحاً، وكأنه مباح، مع أنه ليس من باب الإباحة الشرعية، وأحسب أيضاً أننا جميعاً نقر بأن الشباب يقضون كثيراً من الأوقات في هذا، مما يؤثر آثاراً عظيمة، بل إنهم أصبحوا متخصصين في فنون البرمجة وفك التشفير وقلة التكلفة ونحو ذلك، كما نشرت صحفنا تحقيقات عن هذه القضايا، وأن هناك بطاقات بقليل من الأموال يمكن أن تشاهد بها قنوات إباحية جنسية، ليست واحدة ولا ثنتين ولا خمساً ولا عشراً بل أكثر من ذلك، وأنها تجدد بعشرة ريالات، وأن هذا أصبح مألوفاً ومعروفاً، ثم بعد ذلك نشكو من أحوال الشباب، وكل ما ذكرناه في التدخين والمخدرات والمسكرات من أعظم أسبابه هذه القنوات.
هذه بعض الآثار الحقيقية المباشرة، وأتعجب أننا نعلم أنه قد صدرت الفتاوى بتحريم المخدرات وتحريم ترويجها، بل ومعاملة مروجي المخدرات معاملة من الناحية الشرعية تصل إلى حد القتل، وأحسب أن هذا الذي يكون في الفضائيات لا يقل عن ترويج المخدرات في آثاره وأضراره، فكيف يكون تسويقه والإعلان عنه بهذه الصورة المؤثرة المرغبة، التي في كل يوم تقدم جديداً، وتقدم من الأسعار ما هو أرخص، وتقول في إعلاناتها الواضحة الظاهرة: إننا نقدم هذه الأفلام مباشرة كما هي، يعني: ليس هناك رقابة، وليس هناك قص، وليس هناك حجب لشيء من هذا؟! وهذه من أعظم المخاطر على الشباب.