إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون: (النصيحة شرائطها وفوائدها): نستكمل بهذا الموضوع ما سبق من حديث عن النصيحة التي نحتاج أن تكون خلقاً وصفة شائعة بيننا، يقدمها العالم للجاهل، والكبير للصغير، والولي لمن ولاه الله أمرهم، وتكون كذلك شائعة فيما بيننا من حيث تربيتنا عليها، حرصاً على أدائها، وتقبلاً لها، وتقديراً وإجلالاً واحتراماً لمقدمها، لما يبذله من خير يريده لنا.
وقد رأيت من بعض الإخوة اهتماماً بأننا مقصرون في واجب النصح فيما بيننا، وفيما نراه من أحوال حياتنا العامة، في بيوتنا، في مجتمعاتنا، في أحيائنا، في مساجدنا، فلعلنا في هذا المقام نؤكد على أهمية النصيحة والتناصح.
ونقف مع الشروط والصفات التي تجعل النصيحة كاملة نافعة، حتى نأخذ بالأسباب التي تقود إلى حصول المقصود.