لننظر إلى صورة أخرى فيما بين يدي المعركة: عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكان قبل بلوغه أحد، بدأ بتفقد الجيش فوجد مع الجيش جمعاً من الصغار دون الخامسة عشرة، وجد منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنه وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد والنعمان بن بشير وغيرهم، فردهم النبي صلى الله عليه وسلم، هل خرجوا ليلعبوا في الملاهي كأطفالنا اليوم، بل كشبابنا الكبار اليوم؟! هل خرجوا ليأخذوا الحلوى أو ليأخذوا المسابقات؟! لا، بل خرجوا ليقاتلوا فردهم النبي صلى الله عليه وسلم، (وممن رد معهم سمرة بن جندب فقال له أحدهم: يا رسول الله! إنه رام، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رافع بن خديج وقال لزوج أمه مري بن سنان الحارثي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز سمرة وإني والله لأصرعه، فقام مري وقال: يا رسول الله! أجزت سمرة وأن ابني هذا يصرعه، فقال النبي: تصارعا، فصرع رافع سمرة فأجازهما النبي صلى الله عليه وسلم).
شباب كان في ذلك السن يتوق إلى الجهاد، كان معداً إعداداً إيمانياً، كانت تربيته تربية معلقة بالسماء، معلقة بالله عز وجل، معلقة بالآخرة وثوابها، معلقة بنصر الدين وإعزازه، لا تلتفت إلى صغائر الأمور وسفسافها.
تلك هي الصورة لأولئك الصغار، فأين صغارنا اليوم ومن يكون في الخامسة عشرة؟! إنه في الصف الثالث المتوسط، ماذا نطلب منه؟ إننا لا نأمنه أن يذهب إلى المتجر فيشتري شيئاً؛ لأنه لا يستطيع أن يسير خطوات وحده، دون أن يكون معه أحد من أهله من شدة خوفه وتكريس هذه التربية في نفسه، ولعلي لو مضيت وفتشت لوجدت شيئاً كثيراً.