[الصدق في المواقف بين واقع الصحابة وواقعنا المعاصر]
لقد كانت مواقف التصديق واضحة في أحد، بمعنى أن أقوال الصحابة صدقتها الأفعال: (ويوم انكشف المسلمون بعد أن تخلى الرماة عن مواقعهم وأراد بعض المشركين أن يتوجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، فأحاط به سبعة من الأنصار واثنان من قريش، فكانوا يدافعون عنه ويذودون عنه ويجعلون ظهورهم ونحورهم دروعاً له، حتى سقط السبعة شهداء بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو طلحة الأنصاري يذود عن رسول الله ويرمي، فإذا أشرف الرسول صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله! لا تشرف؛ حتى لا يصيبك سهم من القوم، نحري دون نحرك يا رسول الله! ثم إنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ومعه بعض الأسهم فقال: انثرها لـ أبي طلحة، فنثرها فكان ينبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشهداء يتساقطون فداء لرسول الله عليه الصلاة والسلام).
ويوم قال قائل: (أما سمعت أن رسول الله صلى الله عليه قد مات، قال الأنصاري: فعلام الحياة بعده؟! موتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
ويوم أن انجلى غبار المعركة: (أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتفقد سعد بن الربيع سيد من سادات الأنصار، فوجد وبه رمق في اللحظات الأخيرة من حياته، فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، فقال: وعلى رسول الله السلام، أبلغ قومي أنه ليس فيكم خير قط إن خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف، دافعوا عن دينكم وعن رسولكم إلى آخر نفس من أنفاسكم).
تلك هي وصية الثبات، وذلك هو مجتمع الإسلام، وهذا هو واقعنا، وتلك عظة وعبرة؛ كل منا مطالب وقد قامت عليه الحجة بمعرفة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يتدبر بعقله، وأن يتأمل بفكره، وأن يحيي هذه المعاني في قلبه، وأن يشيعها في أهله، وأن يدعو إليها صحبه ومجتمعه، وأن نحرك أمتنا لتجديد مسيرة وسيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم.
إنه لا ينبغي لأمة الإسلام أن تحني رءوسها ولا أن تذل نفسها لأعدائها، ولا أن تتراجع عن ثباتها على منهجها وسيرها على إسلامها واستمساكها بدينها ورفعها لراية الجهاد في سبيل الله، سيما وهي اليوم معتدى عليها بلا أدنى شك، حتى لو قلنا: إن الجهاد جهاد مدافعة عند العدوان، فقد وقع العدوان وما زال يقع فأين الدفاع؟! وأين الجهاد؟! نسأل الله عز وجل أن يذب عن ديننا، وأن يذب عن أمتنا، وأن يحفظ للمسلمين أرواحهم وديارهم وأموالهم وأعراضهم، وأن يؤلف بين قلوبهم، وأن يوحد بين صفوفهم، وأن يردهم إليه رداً جميلاً، وأن يجعلهم مجتمعين على التقى والهدى.
اللهم مكن في الأمة لأهل الخير والرشاد، واقمع أهل الزيغ والفساد، وارفع في الأمة علم الجهاد، وانشر رحمتك على العباد.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيها أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.
اللهم من أرادنا وأرد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم رد كيدهم في نحرهم واشغلهم بأنفسهم واجعل بأسهم بينهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، عاجلاً غير آجل يا رب العالمين.
اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم وحد كلمتهم وأعل رايتهم، وسدد رميتهم، وقو شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء.
اللهم احفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، احفظ لها أمنها وإيمانها، وسلمها وإسلامها، وسعة رزقها ورغد عيشها برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦] وترضوا على الصحابة الكرام، خصوصاً على أجلهم قدراً وأرفعهم ذكراً ذوي القدر الجلي والمقام العلي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
اللهم صل وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.