أخيراً المجال الخطير: وهو مجال الإعلام الذي يغير في الأمة، ويرسخ فيها كثيراً من مجالات الانحراف والأخطاء العقدية والسلوكية والفكرية، ويظهر ذلك من صور شتى كثيرة، أبرزها وأهمها: وجود التناقض بين الحكم والواقع، فبينما يأتي البرنامج الذي يسمى برنامجاً دينياً وينشر فيه أن حكم الغناء الحرمة، وحكم الرقص الحرمة، ثم بعده يأتي هذا الغناء وهذا الرقص! فيشعر الناس بالتناقض أو أن يقبلوا هذين، على أن كلاً منهما له حكمه كما يقولون: ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، أو أن يضطرب الناس فيظنون الحلال حراماً، والحرام حلالاً، إضافة إلى ما يسلط على الأفكار والمعتقدات من انحرافات، فضلاً عما يفتك بالمسلمين من قضايا الانحراف السلوكي عبر الخلاعة والمجون وغير ذلك.
ثم أمر مهم وخطير وهو: تعظيم الأجنبي غير المسلم، وإعطاؤه صورة من الحضارة والعلو والرفعة، حتى إنه لا يظهر إلا بصورة الممجد المعظم، بينما غيره من المسلمين لا يعطى مثل هذه الصورة.
وأيضاً: تسليط الأضواء في مجتمعات المسلمين ليس على الأخيار، ولا على الأبرار، ولا على الدعاة العاملين، ولا على العلماء المخلصين، وإنما تسلط الأضواء على من تاريخهم يشهد بخيانتهم للأمة، وانحرافهم عن نهج الله عز وجل، وإن كانوا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)، فهذه المجالات كلها تكرس أسباب الهزيمة وصورها في واقع المجتمعات؛ ولذلك البشائر التي تبدو في الأفق من هذه الصحوة الإسلامية ينبغي أن تعلم أن البداية هي في علاج هذه الانحرافات والأخطاء، وفي وقف سير الأضرار التي تجرف المجتمعات المسلمة من جراء هذه الميادين والمجالات، وأيضاً أن تعلو بإذن الله عز وجل راية الحق والجهاد.
وقد ظهر للمسلمين عياناً أن الأمة إذا ارتبطت بدينها، ورفعت شعار التوحيد، وأرادت أن تقاتل وتحارب، وأن تواجه أعداءها باسم الله، راجية من الله عز وجل أن يحقق لها النصر كما ظهرت صور ذلك أيضاً في كثير من المواطن والبلاد الإسلامية هنا وهناك.