ومن مزايا المسلم: شدة الورع والاحتياط، فإنه يرى الذنب اليسير القليل عظيماً؛ لأنه كما قيل: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر من عصيت، وهذا الأمر من أهم القضايا وأعظمها، ولذلك ما كان المؤمنون الصادقون يستصغرون الذنوب ولو كانت صغيرة هينة، بل جاءنا حديث أنس رضي الله عنه علمهم به قبلنا ويعلمنا ويعلم غيرنا:(إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات).
فالذنب هو الذنب، لكنه كان عند الصحابة من الموبقات العظام، وكان عند غيرهم أدق من الشعر؛ لأن أولئك هونوه فهان، ولم يستحضروا -والعياذ بالله- عظمة الله سبحانه وتعالى، ولم يكن له في نفوسهم وقع عظيم ولا خطر كبير، ولذلك قال أحد السلف:(لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت)، ولما سئل سعيد بن جبير عن أعبد الناس؟ لم يقل: أعبد الناس الصائم الذي لا يفطر، ولا القائم الذي لا يفتر، ولا الذاكر الذي لا يفتر، وإنما قال: أعبد الناس عبد اجترح ذنباً فكلما ذكر ذنبه استغفر ربه.