ثم أمر آخر: هناك نصائح معكوسة ومقلوبة، من يسمعها ويصغي إليها لا يصل إلى الخير بل إلى ضده: وللأسف أن صوراً منها تشيع في واقعنا، ولها كذلك في التاريخ وفيما سجلته آيات القرآن أدلة وأمثله: فرعون أطغى أهل الأرض وأكفرهم يقول عن موسى عليه السلام: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:٢٦]، فهو ينصح الناس ويحذرهم من موسى عليه السلام ويقول: أخشى أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد.
ويقول عن نفسه:{مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر:٢٩]، فرعون يقول: أنا الذي أنصحكم وأبين لكم الحق.
وهكذا نجد صوراً كثيرة في حياة الناس وفي واقعنا اليوم من هذا الأمر، حتى إنك إذا نصحت بأسلوب حسن وعلم عنك ذلك، يأتيك من يقول: ما لك وللناس؟! دع الخلق للخالق، لا تدخل بين البصلة وقشرتها، لماذا تكلف نفسك ما لا تطيق؟! وهل كلفت بأمر الناس؟! وكأنه يقول لك: كن وحدك لا تنطق لسانك بالحق، ولا تنكر بالقلب، ولا تغير باليد، ولا يتمعرن وجهك لمنكر، ولا يتغيرن قلبك لمفسدة ونحو ذلك، كأنما ينصحك بأن تترك أمر الله عز وجل، وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
في أحوالنا الاجتماعية بم تنصح الزوجة أحياناً؟ احذري لا يتسلطن عليك، انتبهي لا يأخذن من مالك، كوني له بالمرصاد، ترقبيه في كل لحظة.
والزوج يقولون له: انتبه من البداية، لابد أن تضرب بيد من حديد، هذه نصائح شائعة، ويقدمها أصحابها على أنها نصائح، وهي من المخاطر والمزالق العظيمة.