للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مفهوم الإجازة]

وآتي أيضاً بالكلمة الأخرى وهي كلمة (الإجازة) التي تستخدم أيضاً في التعبير عن هذه الفترة من الزمن فيقولون: العطلة الصيفية، وكذا الإجازة الصيفية.

أيضاً جاء في لسان العرب يقول: جزت الطريق جوزاً وجوازاً، وجاز به وجاوزه وأجازه وأجاز غيره، وجازه أي سار فيه وسلكه.

فمعنى: جزت الطريق أو أجزت الطريق: سرت فيه وسلكته، قال: وأجازه خلفه وقطعه، يعني: خلفه وراءه، وقطع الطريق أي: انتهى من مرحلة ويستقبل مرحلة أخرى جديدة، ولذلك قال أيضاً: الاجتياز هو السلوك، فمعنى: اجتاز الشيء سلك فيه حتى يتجاوزه.

نحن نقول في الدعاء: اللهم تجاوز عنا، يعني: اغفر لنا، وبمعنى أن يكون هناك انتقال من المؤاخذة على هذا العمل إلى غيره.

ثم قال: والجواز صك المسافر، أي: الذي يجوز به المراحل وينتقل به من منطقة إلى منطقة أو من مرحلة إلى مرحلة، ولا أعلم فيما اطلعت أو قرأت من التاريخ أن هناك جوازات كانت فيما مضى، لكن ربما يكون هناك جواز عند الاحتياج، مثل السفير أو مثل الذي يبلغ رسالة، فيفيد أنه يسمح له بالدخول إلى مكان ونحو ذلك.

قال: والجواز صك المسافر، وأجاز البيع أي: أمضاه، وفي الحديث: (أجيزوا الوفد) أي: أعطوهم الجائزة، والجائزة: العطية، وتكون العطية والجائزة في مقابل ما قطع من المرحلة، وفي هذا المعنى أيضاً: الإجازة في العلم، يقولون مثلاً: أجازه الشيخ إذا ختم الكتاب وقطع مرحلة، أي: أعطاه الجائزة المعنوية بأنه قد نال هذا العلم وشهد له به، أو الإجازة بمعنى الشهادة كما أشرت، فمعنى الإجازة على هذا المفهوم أنه اجتاز مرحلة وأجيز بها، يعني: قطعها وشهد له بقطعها، والذي ينتهي من مرحلة في غالب الأمر هل انتهى من مراحله كلها؟ إذا كان انتهى من المراحل كلها فله أن يرتاح وأن يركن وأن يسكن، ولكن نعلم أن المسلم ليست عنده مرحلة ينتهي فيها إلى حد حتى يلقى الله جل وعلا، ويلفظ آخر أنفاسه، كما قال الله جل وعلا: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:٩٩].

إذاً: هذان المفهومان الخاطئان يمكن أن نصوغهما في معنيين، نحتاج إلى التنبيه عليهما بشيء من التذكير والقصص والحوادث.

يتبين من خلال هذه الكلمات والمقدمة: أن هناك فترة نبحث فيها عن الراحة والبطالة، ونصرف كل صورة من صور الجد والعمل، وأن هناك فراغاً يحتاج الإنسان فيه إلى تضييع الوقت.

هذان مفهومان عند الناس: أن هذا الوقت ينبغي أن يكون للراحة والسكون والخلود والكسل، أو إذا كان هناك من حركة فإنها حركة في تضييع الوقت ومحاولة الاستمتاع، دون النظر إلى ما سيترتب على هذه الممارسة من فائدة، ولذلك نقف عند هذين المفهومين من خلال هذه التعليقات اليسيرة.