[قيام العلماء والدعاء بالدعوة إلى الله وخطأ التفرقة بين العلماء والدعاة]
السؤال
من يقوم بالدعوة: العلماء أم شباب الصحوة؛ لأن العلماء تفرقوا واختلفوا؟
الجواب
هذه قسمة غير صحيحة، ويريد الأعداء أن يعمقوها في بيئات المجتمع الإسلامي، وخاصة صفوف الملتزمين من أبناء هذا الدين، فيقولون: هناك علماء، وهناك دعاة، ونحن نقول: لا دعوة ولا دعاة إلا بالعلم، ولا يكون العالم عالماً إلا أن يعلم ويدعو، فالعالم الحق هو الذي يبلغ علمه، وينشر الدعوة، والداعية الصادق هو الذي يتزود بالعلم، ويتحصن به.
ولا بد أن نعرف أن تاريخ الأمة كان دائماً فيه هذا التلازم، بل كان فيه أكثر من هذا التلازم، ففي كثير من النماذج التي في تاريخ الأمة الإسلامية كان الفرد المسلم يمثل العالم والداعية والمجاهد والمنفق وغير ذلك من الصور، ونعرف ذلك مثلاً في سيرة ابن تيمية رحمة الله عليه، فقد كان عالماً، وكان داعيةً، وكان مجاهداً، كلها في شخص واحد، فليس عندنا عالم لا يعلم إلا الفقه أو المواريث أو نحو ذلك، وليس عندنا داعية لا يتكلم إلا في الفكر.
وفي الواقع المعاصر، كلا، فليس عندنا هذا الانفصال ولا نعرفه، وإنما يعرفه أهل العلمانية، وأهل المذاهب الذين عندهم هذه التقسيمات، أما أمة الإسلام فعلماؤها دعاتها، ودعاتها طلبة العلم فيها، والدعاة يطلبون الإرشاد من العلماء، ويستفيدون من العلم، والعلماء يوجهون الدعاة، ويشجعونهم على الانطلاق في الدعوة، وهذا التكامل هو الذي يغيظ أعداء الله عز وجل، ولذلك فإنهم يسعون لشق هذا الصف المسلم الذي تحرك فيه العلماء فاختلطوا بالناس، وظهر علمهم، وأفتوا السائلين، ووجهوا المسترشدين، وتحرك الدعاة والشباب الذين تحركت الغيرة في قلوبهم، فصاروا يدعون، وإلى العلماء يرجعون، فيسألون ثم ينطلقون، فأراد أعداء الله أن يقطعوا هذا الحبل، فيجعلوا للعلماء مسلكاً، وللدعاة مسلكاً، ويجعلوا للكبار مسلكاً، وللشباب مسلكاً، وهذا ليس من دين الله عز وجل.
فينبغي أن نقوي اللحمة والرابطة بين علمائنا ودعاتنا في سائر بلاد الإسلام والمسلمين، مع علمنا بأن هناك من العلماء من لا يمثل صورة العالم المسلم الحقيقي؛ لأنه قد أعطى الدنية في دينه، أو لأنه باع دينه بدنياه، وهذه صور يعرفها العامي المسلم فضلاً عن العالم أو الداعية أو الشاب، وهؤلاء قطعاً ليس لهم في نفوس الناس ذلك التعظيم ولا التوقير، وليس لهم عند الناس قبول ولا اجتماع، ونحن نعرف أن من يكون هذا مسلكه بصورة واضحة بينة فيفتي بحل أمور معلوم حرمتها في دين الله عز وجل، كحل الربا، أو حل الاختلاط أو غير ذلك، فإن بسطاء الناس يسمعون هذا ولا يصدقونه، بل يعرفون أن الحق في هذا الدين، ومع من يبين حكمه، وأن الباطل مع من قال هذا القول، وإن كان قد تزيا بزي العلماء، أو ظهر أنه من كبار العلماء.