[حرية المرأة واستقلالية شخصيتها]
وكذلك مواقف القوة التي تبرز شخصية المرأة المسلمة؛ لأن الصورة التي تظهر الاستقلالية بصورة ممسوخة سيأتي الحديث عنها.
صورة أو مثل واحد أختم به الحديث، في قصة الحجاج الظالم الطاغي حين استحل حرمة البيت الحرام في مكة المكرمة، وقتل عبد الله بن الزبير، ثم أرسل إلى أسماء يدعوها لتأتي إليه، فأبت أن تأتي، فأرسل إليها: لئن لم تأتي لأرسلن من يسحبك بقرونك، فقالت: لا آتيه حتى يرسل من يسحبونني بقروني.
فلما بلغ ذلك الحجاج قال: أين مكانها؟ فأخبر به فلبس نعله ثم جاء إلى أسماء وقال لها: ما رأيت فيما فعلت بعدو الله -يعني: ابنها عبد الله بن الزبير، وكانت امرأة كبيرة في السن تفقد ابنها وقد عمي بصرها ويأتي قاتل ابنها بهذه القوة والغطرسة والجبروت- قالت: رأيت أنك قد أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك.
الحجاج الباغي سفاك الدماء الذي كان الناس يرتعدون من سماع اسمه، ثبتت له أسماء، ثم قالت له: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في بني ثقيف كذاباً ومبيراً، فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلا أراه إلا أنت)، فأخذ الحجاج نفسه ومضى لا يلوي على شيء من هذه المواجهة للمرأة المسلمة المؤمنة الواثقة.
فهذه أمثلة محدودة مما جعله الله عز وجل من استقلالية لشخصية المرأة، وحريتها في اعتقادها وعبادتها وتصرفها المالي واختيارها الزوجي، وهذه الحريات كثيرة وفيرة وعظيمة وصالحة نافعة، أما الحريات التي يطالب بها بعض الجهلة من المسلمين وأعداء الإسلام، وهي حرية التبرج، وحرية الممارسة الجنسية وغيرها من الحريات؛ فهي فوضى وليست حرية، ويقولون لنا أيضاً كما سبق أن أشرنا في الموضوعات السابقة: أين حرية المرأة وأنتم تحجبونها تحت حجابها؟ وأين حرية المرأة وقرآنكم يتلى ويقول: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣]؟ فهي حبيسة البيت قعيدته، إلى غير ذلك مما يقولون مما هو مردود عليهم ولنا فيه حديث.
أسأل الله عز وجل أن يعصمنا بالإيمان، وأن يقينا شرور أهل الكفر والطغيان، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجمل نساءنا بالحياء والحشمة، وأن يجعلنا ممن يتبعون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم تول أمرنا وارحم ضعفنا واجبر كسرنا واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
اللهم أنزل علينا الرحمات، وأفض علينا البركات، وضاعف لنا الحسنات، وارفع لنا الدرجات، وحط عنا السيئات، وكفر عنا الخطيئات، وأقل لنا العثرات، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا واجعلنا من عبادك الصالحين، وانصر جندك المجاهدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك.
اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم استأصل شأفتهم، وفرق كلمتهم، واجعل بأسهم بينهم، وأنزل بهم بأسك وسخطك ومقتك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار.
اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والجرحى والمرضى.
اللهم رحمتك بالشيوخ الركع، والأطفال الرضع، والنسوة الثكالى، والصبية اليتامى.
اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، اللهم عجل فرجهم، ونفس كربهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، واحفظ إيمانهم وأعراضهم وديارهم وأموالهم يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم اصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.
اللهم وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اجعل عمل ولاتنا في هداك ووفقهم لرضاك، وارزقهم بطانة صالحة تحثهم على الخير وتدلهم عليه، وتنهاهم عن الشر وتحذرهم منه يا سميع الدعاء.
عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦].
وترضوا على الصحابة الكرام وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].