وباب آخر وهو باب القراءة: فالقراءة مجني عليها؛ حيث لا يعرف أبناؤنا كثيراً من كتاب ربهم، ولا من سنة نبيهم، ولا من سيرة مصطفاهم، ولا من صفحات تاريخهم، ولا من علوم شريعتهم، ولا من حقائق واقعهم، ولذلك تجد الطلاب وقد صاروا اليوم كأنما عقولهم ورءوسهم فارغة، حتى ما يقرءونه في مدارسهم يقرءونه ليفرغوه على أوراق الاختبارات، ثم يحاولون بكل جهد أن ينسخوه من عقولهم، وأن ينظفوها حتى لا يبقى فيها أي أثر من آثار تلك المعلومات والقراءات! فالفرصة سانحة، والوقت متسع، ولو أراد الآباء والأمهات ومؤسسات المجتمع والحكومة أن تبسط ذلك بدلاً من أن تبسط ميادين المنتزهات فحسب لفعلت، فأين هي المكتبات؟ وأين هي المسابقات؟ وأين هي القراءات؟ وأين هي المجالات التي ينبغي أن يأخذ بها أبناؤنا؟ وأستحضر هنا خبراً تافهاً سخيفاً، لكنه أخذ حظاً وافراً في وسائل الإعلام كلها: ابتكرت امرأة إنجليزية قصة خرافية عن شخصية خيالية، وجعلت لها اسماً، ثم أصدرت لها كتاباً، فتلقاه القوم -وهم يقرءون ويحبون أي شيء- بالقبول العظيم، حتى توالت الأجزاء، وجنت هذه المرأة من هذه القصة ستمائة مليون جنيه إسترليني كما يقولون! وعندما نزل الجزء الأخير نُشر في الصحف أن المكتبات في بعض الدول الكبيرة المشهورة في بلاد الغرب سوف تداوم أربعاًَ وعشرين ساعة حتى تلبي احتياجات الناس من الإقبال على هذا الكتاب! قد نقول: سخافة، وقد نقول: ضياع، لكنهم يقرءون، وربما نجد سوق الكتاب وهو يشكو الحزن الأليم؛ حتى إنما يطبع باللغة العربية في العام الواحد لا يبلغ إلا خمس ما يطبع في بريطانيا وحدها فقط، ويصدق حينئذ فينا قول أعدائنا: إننا أمة لا نقرأ! فنحن معاشر الآباء فضلاً عن الشباب أليس في فرص الإجازات ميدان لنقرأ في السيرة، ولنقرأ في تاريخنا، ولنقرأ ما ينفعنا، ولنعرف ما يجري حولنا؟